زمـــــن البــســـــطـــات
عمر كلاب
15-10-2014 03:19 AM
في الحديث المهموس ثمة دعم كبير لقرار امانة عمان نقل سوق العبدلي وتقليص تواجد البسطات في شوارعنا، ويتطور الامر همسا الى ما هو اكثر من ذلك وصولا الى اشخاص يملكون ثلاثين بسطة وآخر عشرة وان معظمها مجرد واجهة لبيوعات اكثر خطورة ويتراوح ضمان البسطة الواحدة بين عشرين دينارا وثلاثين في الايام العادية في حين يرتفع ضمان البسطة الواحدة الى مائة دينار ليلة الخميس على الجمعة .
الهامسون بدعم القرار لا ينكرون رشاد القرار وضرورة تنفيذه وثمة من يقول ان حديث امين عمان عقل بلتاجي الى احدى الاذاعات جرى تحويره لمقاصد متنوعة فالرجل معروف بدماثته وعفة لسانه، وسؤاله كان لغايات التدليل على حجم الرافضين للقرار وليس للاساءة الى محافظة كريمة ولا الى ابنائها، ويتطور الهمس الى مواضيع واسماء لا يمكن ذكرها الآن.
البسطات التي تحتل الشوارع هي اقل انواع البسطات خطورة على شدة خطورتها، مقابل البسطات السياسية المعروضة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي بيانات بعض الاحزاب وبعض الشخصيات التي تستثمر في الخواصر الرخوة الشعبية وفي انحسار الثقة في قرار الجهات الرسمية على العموم، فهناك بسطات على الفضاء الالكتروني مليئة بكل ما هو غث وسخيف، ولولا وعي مجتمعي لتحولت البسطات الى حرب اهلية والى عصيان مدني.
فكثير من الهامسين دعما حملوا لواء التأييد للبسطات المزعجة والخطرة على الامن الاجتماعي علنا، وكلهم يشكك في الاداء المعلن للبسطات وإلا،كيف يفسر شخص عاقل وجود شاب يافع يخرق الصخر بعضلاته على بسطة من الجرابات كل قيمتها لا تتجاوز العشرين دينارا بكليتها، او خمسة اطقم ولادية، فما هو العائد الاقتصادي لهذه البسطة وما هو المردود على جيبته اذا كان رأس المال عشرين دينارا على اكبر الاحتمالات ؟
البسطات في العالم الافتراضي مشرعة لكل اشكال التشكيك والعبث بالوحدة الوطنية والسلم الاهلي، وتعرض بضاعتها الرخيصة بالمجان ودون ادنى كلفة وطنية او مسؤولية اجتماعية، فثقافة البسطات شائعة وجاء الربيع العربي ليفتح المجال للاستثمار في البسطات وليست بسطات الشوارع اكثر من تعبير ساذج لزمن البسطات السياسي والاجتماعي واستثمار رخو في تفتت هيبات الدول، وللعلم فإن اقتصاد البسطات في مصر يضم قرابة المليون عامل اي يوازي ربع موظفي الدولة المصرية ولا يوجد احصائيات اردنية ولكن العدد مرتفع وارتفع اكثر منذ اطلاق الربيع العربي.
اما البسطات الحزبية فما زالت تعرض بضاعتها على شكل بيانات مليئة بالعفن السياسي والانتهازية الوطنية، فسرعان ما تبكي على البسطات وهي تعلم يقينا انها واجهات في اغلبيتها لمواد خطرة تالفة ولمواد تُذهب العقل، بل وكان اصحاب البسطات قبل اقل من سنة شبيحة للنظام وادوات استثمار حكومية لضرب الحراكيين المنادين بالاصلاح وليس العام الماضي ببعيد، فكيف تستخف بعض الاحزاب بعقلنا الى هذا الحد ؟
بسطات الاحزاب ما زالت تعرض بضاعة متناقضة تكشف مدى العبث السياسي ولعلها تدافع عن البسطات الشارعية حفاظا على بسطاتها السياسية، فالمشترك بين البسطتين هو مخالفة القانون والمنطق الاقتصادي في السياسة وفي علم الاجتماع الاقتصادي، دون مراعاة للواجب الوطني او مراعاة لشرف الخصومة السياسية بين المعارضة والحكومات، فقد تردى شرف الخصومة الى الدرك الاسفل وباتت الوصفات والتهم جاهزة مع خدمة التوصيل عبر البسطات الالكترونية او البسطات السياسية.
البسطات نموذج اقتصادي معروف في المناطق العشوائية التي لا يمكن توفير الخدمات داخلها بحكم صعوبة الواقع على الارض، فلا شوارع ولا تراخيص ولا تصنيف للشوارع ولا امكانية لهدم المنازل وترحيل سكانها، ونحن لا يوجد لدينا عشوائيات كما مصر واليمن وبالتالي فإن وجود البسطات هو ندبة بشعة في وجه المدينة ولا يجوز دعم الندب والتشوهات.
(الدستور)