يقوم الأردنيون عند منتصف هذه الليلة ( الخميس / الجمعة 27 / 3 – 28/ 3 ) بالأخذ والعمل بالتوقيت الصيفي . ويقوم هذا التوقيت على تقديم عقارب الساعة مدة زمنية محددة - 60 دقيقة عادة - في يوم معين ، وبعد مدة تطول أو تقصر ، يتم تأخير عقارب الساعة نفس المدة الزمنية ، ويعلن عن موعد التقديم والتأخير في مختلف وسائل الإعلام ، ويعرف العالم الغربي هذا الإجراء الحكومي والرسمي بـ Daylight Saving Time ويعني حرفياً توفير وقت ضوء النهار ، ويعرف اختصارا DST ، لكنه يعرف في الدول العربية بـ " التوقيت الصيفي " كمقابل لما يسمى " التوقيت الشتوي " وبذلك تعمل الدولة التي تأخذ به بتوقيتين : أولهما صيفي يقدم التوقيت فيه ساعة ، وثانيهما شتوي يعاد فيه التوقيت إلى ما كان عليه . ويتم الأخذ بهذا النظام تحقيقا ً لعدة منافع وفوائد تسعى لإيضاحها السطور التالية .
نبذة تاريخية
* يعتبر البعض أن الفكرة التي خطرت ببال الأمريكي بنجامين فرانكلين (1706 – 1790) وأرسلها إلى مجلة يقترح فيها أن يأوي الناس إلى فراشهم مبكرين هي أولى أفكار التوقيت الصيفي ، وكانت الفكرة مضحكة في ذلك الحين .
* في عام 1878 إبتكر مهندس السكك الحديدية الكندي السير ساندفورد فلمنغ فكرة الوقت القياسي أو المعياري ، حيث اقترح تقسيم العالم إلى مناطق توقيت كل منها ساعة واحدة ، ولم يؤخذ بهذا الأمر في السكك الحديدية إلى أن قبلته عام 1883، رغم عدم دعمه من أي جهة حكومية ، وحل هذا النظام مشكلة جداول توقيت حركة القطارات ومواقفها بما يناسب التوقيت وفق وضع حركة الشمس وموقعها في السماء ، وسرعان ما لاقى القبول من هيئات السكك والشحن والمسافرين .
* تقدم وليم ويليت بأول اقتراح جدي حول التوقيت الصيفي عندما نشر عام1907 " تبديد ضوء النهار " ولم يقدر على إقناع الحكومة البريطانية بتبني فكرته رغم التأييد الواسع لها في حينه.
* وضعت الحكومة الألمانية فكرة التوقيت الصيفي موضع التنفيذ في الفترة بين 30 / 4/ 1916 و1 / 10 / 1916 أي والحرب الحرب العالمية الأولى دائرة الرحى ، وبعد ذلك بقليل تبعتها بريطانيا ، حيث طبقت التوقيت الصيفي بين 21 / 5 / 1916 و1 / 10 /1916 .
* في 19 / 3 / 1918 وضع الكونغرس الأمريكي عدة مناطق توقيت time zones ( كانت تعمل السكك الحديدية بها فعلا منذ عام 1883) وأعتمد التوقيت الصيفي رسمياً وعمل به في 31/ 3 وحتى وضعت الحرب أوزارها ، وقد لوحظ لسبعة أشهر في عام 1918 و1919 عدم رضى الناس عن هذا التوقيت ، ويعزو معظمهم سبب ذلك إلى استيقاظهم مبكرين ، وذهابهم إلى الفراش مبكرين أيضا ، وقد أوقف العمل بذلك لاحقاً ليعاد العمل به ثانية اعتبارا من 9 / 2 / 1942 كإجراء لحفظ الموارد زمن الحرب وحتى 30 / 9 / 1945 ، ولم يكن هناك قانون اتحادي حول التوقيت الصيفي في الفترة 1945 – 1966 حيث ترك الأمر لكل ولاية لتعمل أو لا تعمل به . واتخذ القرار بتطبيق التوقيت الصيفي على الدولة عام 1966 اعتباراً من آخر يوم أحد من شهر نيسان سنويا ، ويتوقف اعتباراً من آخر يوم أحد من شهر تشرين الأول ، وترك الأمر لمن ترغب من الولايات أن تستثنى بسبب ظروف خاصة . وفي عام 1986 تم تعديل التوقيت ليعمل به من أول يوم أحد من العام التالي .
فوائد العمل بالتوقيت الصيفي
تسهيلاً لشرح فوائد هذا التوقيت نفرض أننا أمام مواطن يستيقظ في السادسة صباحا ، ويكون على رأس عمله في تمام الثامنة ، وينهي عمله في الرابعة مساءً ، ويأوي إلى فراشه في الحادية عشرة ليلاً . وعند العمل بالتوقيت الصيفي أي بتقديم الساعة 60 دقيقة تصبح توقيتات يومه الحقيقية على النحو التالي : يستيقظ في الخامسة صباحا ، ويكون على رأس عمله في تمام السابعة ، وينهي عمله في الثالثة مساءً ، ويأوي إلى فراشه في العاشرة ليلاً ( رغم أن الساعة تشير إلى التوقيتات الأولى ) .
1. توفير الطاقة الكهربائية : يوصف التوقيت الصيفي بأنه " يجعل " الشمس تغرب متأخرة ساعة ، وبذلك يقلل هذا التوقيت المدة الواقعة بين الغروب وموعد النوم . ويلاحظ أن الإنسان العادي يأوي عادة إلى فراشه بساعة محددة ، كما يستيقظ بساعة محددة أيضا ، ويقوم قبل نومه باستخدام الإنارة ، واستعمال أجهزة كهربائية ( كالتلفاز ومستقبل القنوات الفضائية والمذياع والمسجل ) وأثناء نومه تتوقف هذه الأجهزة عن استهلاك التيار الكهربائي . ويلاحظ أن المواطن قد استخدم وسائط الإنارة مدة أقصر بساعة واحدة ، إضافة إلى أن ساعة بدء الحاجة للإنارة تتأخر صيفا .ووفق دراسة قامت بها وزارة النقل الأمريكية تبين أن وفراً قدره 1 % من الاستهلاك الكلي للكهرباء يتحقق كل يوم يعمل فيه بالتوقيت الصيفي .
2. استبدال آخر ساعة عمل بساعة في بداية العمل : بالعودة إلى ما فرضناه من توقيتات في سطور سابقة ، وجدنا أن المواطن يعمل 8 ساعات ( 8 صباحا – 4 مساء ) وعند العمل بالتوقيت الصيفي نجد أن عدد الساعات لا زال 8 ساعات ، لكنها تمتد من 7 صباحا وحتى 3 مساء ، رغم أن الساعة تشير إلى عدم تبدل ذلك . إن هذا المواطن سيعمل ساعة مبكرة ( 7 – 8 صباحا ) بدلا عن ساعة مملة مرهقة بسبب ارتفاع درجة حرارة الصيف ( 3 – 4 مساء ) ،. ولو طلبت الجهات التي يعمل لديها المواطن أن يبدأ عمله في السابعة لرفض أو احتج بأنه سيكون من الصعب عليه الالتحاق بعمله مبكرا!! .
3. فوائد أخرى : تناقص الحوادث التي تقع بسبب الضلام ، إذ قدرت وزارة النقل الأمريكية أن 50 روحا نجت ، ونحو 2000 إصابة لم تقع في شهري آذار ونيسان من سنة دراسة قامت بها ، وأن نحو 28 مليون دولار تم توفيرها لعدم وقوع حوادث مرورية بسبب العمل بالتوقيت الصيفي . كما لوحظ أن نسبة الجرائم قد انخفضت بسبب عودة الناس باكرا وقبل حلول الظلام إلى بيوتهم .
لا يمكن أن يحقق التوقيت الصيفي الغايات المنشودة من العمل به إن أصر المواطن على التعامل مع التوقيت الحقيقي رغم تقديم عقارب ساعته ، ومن ذلك على سبيل المثال الاستمرار بالسهر بحجة أن الساعة لا تشير إلى الوقت الحقيقي لأن عقاربها قدمت 60 دقيقة .
من يعمل بالتوقيت الصيفي ؟
يعتبر الفرق في طول النهار والليل هو العامل الرئيس والمبرر الأساسي للأخذ بالتوقيت الصيفي ، حيث يتصف نهار الصيف بطوله والليل بقصره ، والعكس صحيح إذ يتصف نهار الشتاء بقصره والليل بطوله ، وبناء على ذلك ستكون الجهات المعتدلة من العالم هي المناسبة دون غيرها للأخذ به . ولا يناسب المناطق المدارية من العالم لعدم وجود فروق كبيرة في طول النهار والليل ، فلا فائدة من الأخذ به ، ومع ذلك فقد أخذت به المكسيك لتزايد ارتباطها الاقتصادي مع جارتها الولايات المتحدة مع بعض الإستثناءات كعدم عمل ولايتا هاواي وأريزونا الأمريكية وكذلك ولاية سانورا المكسيكية بهذا التوقيت .
تعمل جميع الدول الأوروبية بالتوقيت الصيفي باستثناء أيسلندا ، اعتبارا من آخر يوم أحد في شهر آذار وحتى آخر يوم أحد من شهر تشرين الأول . وأخذت الصين الشعبية فترة ما وتوقفت ، في حين أخذت أستراليا بنظام يقوم على تقسيم البلاد إلى ثلاث مناطق توقيت قياسية ، لتتحول إلى العمل بخمس مناطق عند العمل بالتوقيت الصيفي بفارق أكثره 30 دقيقة لكل منطقة ، كما تأخذ مناطق شمال البرازيل بالتوقيت الصيفي بعكس جنوبها ، كما تأخذ كندا به باستثناء إحدى مقاطعاتها ، وتأخذ روسيا بالتوقيت الصيفي في مناطق التوقيت الـ 11 فيها إذ تزيد كل منطقة بمقدار ساعتين عن التوقيت القياسي صيفا ، وساعة واحدة شتاءً . ومن الدول العربية التي تعمل بالتوقيت الصيفي : الأردن ومصر ولبنان ، ومن الدول التي لا تعمل به سلطنة عمان والسعودية والإمارات العربية وذلك لعدم وجود المبررات لذلك من حيث طول الليل والنهار وفق الفصول ، إضافة للوضع الاقتصادي المزدهر الذي لا يتطلب توفير الطاقة بنفس درجة الدول الأقل ثروة .