اشياء كثيرة تذكر الاردنيين بـ طلال مداح واغنيته الاشهر زمان الصمت... فالاسئلة ترحل.. وصرخاتهم تذبل.. في وادي... لا صدى يوصل .. ولا باقي أنين.. وكأنهم في زمان الصمت.. وعمر يسوده الحزن والشكوى.. والخطوة لم تعد تقوى على الخطوة والاسباب متعددة.
ففي جنوب الاردن شمس ورياح وتراب ثمين. بادرنا لاكتشاف التراب قبل عقود ونقلنا بعضه ليخصب اراضي الهند والمجتمعات التي ما زالت تحترم الارض.. وبعنا حق الانتفاع باستخراجه وبيعه الى جهة قيل انها بروناي ...وندمنا على البيع ...وبقينا نتجادل حول الذي باع والذي اشترى ولم يحسم الجدل الذي بدد الثقة بكل الذين تحملوا المسؤولية طوال اعوام الجدل فمن باع تراب ارضه خسر..
الاثير بعناه هو الاخر (...).. واليوم اخذنا نؤسس لبيع الشمس في معان.. والرياح في الطفيلة والشوبك... عملا بالاغنية التي لازم بثها برنامجنا الصباحي الاطول عمرا"احنا الي صحينا الشمس من نومها" لكن هذه المرة نصحيها لنولدها، ونحول اشعتها الى طاقة نضيء فيها المدن والمصانع وقبل ان نذيب الزيت في الصخور واليورانيوم الذي سنؤسس له مفاعلا..
الرياح سنوقفها ونحقق معها وننهك قواها ونأخذ طاقتها عملا بما قاله قيس بن الملوح في الريح "ألا يا صبا نجد متى عدت من نجد..... لقد زادني مسراك وجدا على وجد"
وما رددتة بنت الجنوب ميسون الصناع من ابيات تراثية حول هبوب الشمال الذي لن يمر بعد اليوم الا من بين فلذات مراوح التوليد في محطاتنا الجديدة في اعالي جبال الطفيلة وفوق قمم الشوبك "يا هبوب الشمال... واتجه للجنوب... وريحة حبي معاك.. مرحبا يا هبوب"
الاردن بحاجة الى الاستثمار وتطوير الطاقة.. وفي البنوك الاردنية عشرات المليارات من الدولارات التي بحاجة الى التشجيع الحقيقي ليتم استثمارها. الكثير من اصحاب الارصدة الكبيرة يفضلون الابقاء على ارصدتهم في البنوك على استثمارها لاسباب في مقدمتها الخوف من ان تطالها ايادي السماسرة والوسطاء الذين احترفوا ترويع الاستثمار والمستثمرين.
المشاريع المتعثرة تنتشر في كل زوايا البلاد وتلك التي نجحت لا تأثير يذكر لها على الموازنة او التشغيل ... آلاف البنغاليين يؤتى بهم لمعسكرات العمل المغلقة في المناطق الصناعية الحرة والتي لا نعرف عائدها على اقتصادنا. تدخلات المتنفذين والشراكات التي تعقد بين من يعملون في السلطة وجوارها مع المستثمرين . عامل لم يتم دراسة تاثيره على الواقع الاستثماري. استقالات اثنين او اكثر ممن عملوا في قطاع الاستثمار وتشجيعة لسنوات امر ملفت للنظر. ولم تكن هذه الاستقالة الاولى لمسؤول استثماري هذا العام فقد قالت معالي مها الخطيب الشىء الكثير عن الظروف التي احاطت باستقالتها.
الظاهرة واسعة الانتشار وفي كل المجالات الاقتصادية هناك شركاء صامتون وشركاء ظاهرون واخرون بطرق غير مباشرة. المستثمرون الفعليون والوهميون والمحتملون والمراقبون يعرفون ذلك جيدا.
من غير المقبول والمعقول لحكومة تدعي انها طاهرة ان تتغاضى عن شراكة وزرائها في شركات ذات علاقة بميدان عمل وزاراتهم.. ومن غير المقبول اردنيا لدولة تتباهى بالاصلاح ان يكون وزراء فيها شركاء.. او يقيمون مشاريع استثمارية باية حجة وتحت اي عنوان.
لا يزال الاردن يعالج او يتجنب معالجة تداعيات قضية الفساد في الفوسفات ..ومع ذلك تعاد الكرة مرة اخرى فالحديث الذي دار ويدور حول الطاقة البديلة وطاقة الرياح قصة تحتاج الى تحقيق استقصائي. من هم الشركاء وما علاقة العاملين في مواقع رسمية بها. ولماذا لا يفتح باب الاستثمار في هذه الشركات للمواطنين..زولماذا تصر الدولة على اعادة احياء نظام الكوتات الانجليزي باعطاء امتيازات لابن فلان واخو فلان ونسيب علان...
ما يتناقله الناس حول هذه الشركات والمنح والتفويضات يفسر الكثير من مظاهر الغضب والاستقواء لدى بعض الناس على الاجهزة الامنية. الحديث الدائر في الشارع لا يبريء احدا ممن هم في مواقع المسؤولية.
في باب تفعيل حق الحصول على المعلومات يتوقع الناس والاسرة الاعلامية خاصة من وزير الاعلام ان يخرج في مؤتمر صحفي ليحدثنا عن استثمارات الطاقة الجديدة في محافظة الطفيلة و معان ومنطقة الشوبك ويبين هوية الشركاء فالحديث المتداول كثير وبحاجة الى توضيح.
ويتساءل الناس عن مشروعية شخص في موقع عام وزير او مدير عام ان يؤسس شركة سواء كان باسمه او زوجته او ابنائه او اشقائه.
قبل اسابيع تداولت وسائل اعلام شهادة تسجيل شركة لاثنين من الوزراء يرتبط عملهما بميدان عمل الشركة.. والحديث يملأ الشارع في قصص لا حصر لها.. الشفافية تقتضي الاجابة على هذه البيانات ووضعها في سياقها الصحيح والا فان كل الحديث عن الطهارة التي اعلن عنها دولة الرئيس هو كلام في كلام.
الشفافية والنزاهة ليست مؤتمرات وخطباً وبيانات وانما هي في التعامل مع كل شبهة وتلميح واخذه على محمل الجد واعطائه التفسير واتخاذ الاجراء ... الاردنيون يبحثون عن اسباب تجعلهم اكثر تعلقا ببلدهم ومؤسساتهم لكن اجراءات الحكومة لا تساعد ابدا.