الشّهر الوردي: مَن يُعلق الجرس
رؤى عربيات
14-10-2014 12:42 PM
يخصص العالم شهر تشرين الأول من كل عام لزيادة التوعية من مخاطر سرطان الثدي، وفي هذا الشهر يعتبر الشريط الوردي رمز التوعية بأعراض المرض وطرق علاجه والكشف المبكر عنه.
وتحل هذه المبادرة العالمية على الأردن هذا العام بعد صدور إحصائيات السجل الوطني للسرطان حول سرطان الثدي، إحصائيات تظهر أن نسبة الإصابة بسرطان الثدي تحتل المرتبة الأولى بين الإصابات بأنواع السرطان الأخرى بواقع 37%، وأن نسبة الحالات المكتشفة في المراحل المتأخرة من المرض بلغت 70%.
إن قراءة متفحصة لهذه الإحصائيات تنفي خضوع المصابات اللواتي اكتُشف المرض لديهن في مراحل متأخرة لفحوصات الكشف المبكر، والسؤال هنا: لماذا هذا العزوف عن إجراء فحوصات الكشف المبكر؟، مع أن الكشف المبكر يعني عذابات أقل وفرص شفاء أكبر وأسرع وتكاليف علاج أقل، الجواب يأتي سريعا على لسان المختصين:
إنه الخوف!
نعم، إنه الخوف الفطري من المجهول، وهو بالمناسبة خوف غير مبرر يجعل المرأة تغض الطرف عن مجرد التفكير بهذا المرض فضلا عن إجراء الفحوص المبكرة للكشف عنه، خوف المرأة على مستقبل أسرتها وعلاقتها الزوجية ومظهرها، خوفها على فقدان عملها، وكذلك القلق بشأن تعاطي المجتمع معها، والرهاب الذي يصاحب التفكير بنفقات فحوص الكشف ومراحل العلاج.
إن الكشف المبكر عن سرطان الثدي، إضافة للأبعاد الصحية، يحمل في طياته أبعادا اقتصادية واجتماعية، وعليه يكون التشجيع عليه واجب الأسرة تجاه الفرد، وواجب المجتمعات تجاه الفرد والأسرة، فيبرز هنا دور المدارس والجامعات ومراكز البحث العلمي والجمعيات ووزارة الصحة والمؤسسات التشريعية ووسائل الإعلام في تعليق الجرس وضمن حملة وطنية شاملة.
المدارس والجامعات خط دفاع أمامي، وهي مطالبة بعقد الندوات الإرشادية والتعريفية بهذا المرض، وتضمين مناهجها دروسا حول سرطان الثدي، لتنتقل إلى الأسرة والمجتمع وجبة معرفية ميسرة حول المرض وأهمية الكشف المبكر عنه.
مراكز البحث العلمي يجب أن تولي أهمية كبرى لتعريف أفراد المجتمع بآخر ما توصل له العلم من عقاقير وأجهزة كشف مبكر وطرق علاج إشعاعية وكيماوية وهرمونية وحيوية.
الجمعيات الطبية والمجتمعية ومراكز وزارة الصحة ذراع طويلة تمكن الدولة من الوصول إلى الأطراف والمناطق النائية لنشر الوعي بين السيدات وتشجيعهن على الفحوصات الخاصة بسرطان الثدي، لا سيما وأن الأطراف أقل حظا في الخدمات الطبية والتوعوية بسبب بعدها عن المركز، ولعل انتشار جمعيات خاصة بمكافحة مرض سرطان الثدي وتمكين المصابة به، في كل بقاع الوطن أصبح ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى.
إن إعادة النظر بالتشريعات الخاصة بالمصابات بسرطان الثدي، وبالأخص العاملات منهن، تقع على عاتق المؤسسات التشريعية، فنظام الإجازات وانقطاع الراتب أو استمراره، وقوانين التأمين الصحي وشركاته، ملفات يسهم تحديثها في تبديد مخاوف المصابات، كما أن جمع التبرعات وقوننتها وإسقاط جزء من الضرائب المترتبة على المتبرعين أولوية من أولويات المشرعين.
والدور الأهم في هذا السياق منوط بوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، فالإعلام قادر على دخول كل بيت وفي أي وقت، وربما كان وثائقي متلفز أو مسموع أو مقال مكتوب سببا في نجاة سيدة من براثن المرض، ولا يجب أن نغفل عن دور مواقع التواصل الاجتماعي في نشر ثقافة الكشف المبكر.
أن أقول إن سرطان الثدي مرض يمكن التعافي منه بجهد وتكلفة قليلين، لكن ذلك مشروط بالإقبال على فحوصات الكشف المبكر وتجاوز المخاوف التي تثني السيدات عن مراقبة وضعهن الصحي، وهنا يحضرني قول شاعر العربية الجواهري: شرٌّ من الشرِّ خوفٌ منهُ أن يَقعا