ويسألونك عن تدني مستوى التعليم
سليمان الطعاني
13-10-2014 12:40 PM
في هذا الزمن غير المستقر، زمن الغثائية التي اخبرنا عنه رسولنا الأعظم، أصبحنا نعطي الشهادات الدراسية اهمية مطلقة في تحديد دور الأنسان وترتيب مكانته في المجتمع، الكرتونة كما يسميها البعض، يبيع أحدنا ما فوقه وما تحته لكي يحصل على الكرتونة، نشتريها نسرقها نزورها قل ما شئت..
تستطيع أن تحصل على شهادة الدبلوم التدريبي دون أن تحتاج الى الثانوية ولا أدري أين تصرف، وإن كنت رجل أعمال مثلاّ أو أحد أصحاب الأيادي (البيضاء) أوبرتبة عالية، يمكنك أن تحصل على شهادة الدكتوراه بمبلغ بخس دكتوراة فخرية، لتضع حرف الدال قبل اسمك، وان كنت لا تتقن القراءة والكتابة، هذه الشهادة تؤهل حاملها الجلوس في المجالس العامة وتصدرها وتخوله ربما بالتحدث في أمور المجتمع عامة...
توهمنا بأن المتماثلين في الشهادات، لابد ان يكونوا متماثلين في القدرات، توهم الكثير من الناس ان الشهادات هي الأساس، وانها قد تمنح الموهبة والقدرات الفكرية الخاصة، فكانت مدعاة الى اتكال الخريجين على بريق شهاداتهم والقعود عن اكتساب المهارات الابداعية الضرورية.
يقول المفكر السعودي ابراهيم البليهي في كتابة وأد مقومات الابداع : أن الحصول على أعلى الشهادات لا يدل على وجود موهبة خاصة عند الشخص ولا على أي شكل من أشكال الإبداع، وانما يدل على ان الأنسان واصل مسيرة التلقي فترة قد تطول وقد تقصر، حصل بعدها على هذه الشهادة.
ويضيف أن الإبداع يظل خارج مهام التعليم بشتى انواعه ومختلف مراحله، اذ ان كل المدارس والجامعات في العالم لا تدعي ان من مهامها تخريج المبدعين والمفكرين، وانما هي تقدم معارف في قوالب جاهزة ومكرورة للدراسين .. مما ادى الى إلحاق الغبن بالمبدعين، وبأهل المهارات، كما ادى الى الركاكة المهنية ويشير الى ان هناك من نالوا شهادات الدكتوراه عن بعض المبدعين الذين لم ينل البعض منهم حتى شهادة المرحلة الأبتدائية .
ويبين أيضا أن التعليم النظامي بمراحله ونظمه وشهاداته مستورد من الغرب ، فنحن نقلنا الشكليات وأغفلنا الحقيقة، وهي أن الغرب الذي أخترع نظام التعليم وابتكر الشهادات هو نفسه الغرب الذي يجعل الإنجاز هو المحك الحقيقي للتقويم، ولهذا كانت النتيجة هي المبالغة دائما في تضخيم قيمة الشهادات المدرسية بحيث لا يتوقع الإبداع والمهارات من كل حامل شهادة، يوازي ذلك تجاهل لإصحاب الإبداعات من خارج سلطة التعليم النظامي .
المبدعون والمفكرون هم الباحثون عن الحقيقة المجردة، لا يطمعون في كسب عاجل ولا يبحثون عن مغنم مادي ، وانما هم مدفوعون بعشق عتيق لمعرفة الحقيقة في كافة المجالات، وهم يجدون متعة كبرى بهذه المعرفة، بينما غيرهم يحسبونها بالدينار والدرهم فبارت تجارتهم وضعفت مخرجاتهم.