لسنا بحاجة إلى خطة نحن بحاجة إلى استراتيجية ؟؟!!
سامي شريم
12-10-2014 11:05 PM
تُضيّع الحكومة وقتها ، وقت المواطن ووقت الوطن في تصور قدرتها على وضع خطة أو تصور أو رؤيا للعشر سنوات القادمة ، فليس في وسع أيّاً كان مهما أُوتي من علم وخبره وسعة اطلاع ورؤيا ثاقبة سواء كان فرداً أو مؤسسة أو مجموعة أو دولة أن تستطيع التنبؤ بما ستكون عليه الأحوال بعد سنة أو حتى بعد شهر في ظل تغيرات جذرية حدثت وتحدث في المنطقة انعكست وتنعكس على كافة المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية ، هذا من ناحية كون القرار ليس أردنياً فيما يتعلق بمستقبل المنطقة التي تشمل الأردن وما حوله بالتأكيد ، ومن ناحية أخرى حتى من يخطط لمستقبل المنطقة لم يعد صاحب القرار ولم يعد منفرداً ولا السيد الأوحد لهذا العالم فقد شارك السيادة موخراً قطباً آخراً له وزنه الإقتصادي والسياسي والعسكري مُتمثلاً في المحور الروسي الصيني الإيراني السوري وبقية دول بريكس .
وبهذا فإن التخطيط المركزي لم يعد وارداً واللامركزية ليست مطلقة أيضاً ، وعليه فإن الوضع الإقتصادي والعسكري والسياسي في منطقة الشرق الأوسط على كف عفريت هذا في كفه ، وفي كفةٍ أخرى فإنه وإن لم تكن على كف عفريت فإن امكانية التخطيط والتنبؤ والقدرات لدى المخططين الإقتصاديين والماليين الأردنيين مُجربة ومعروفة ، فقد خبرناهم لسنوات وهم يتناوبون المناصب ويغيرون الطواقي على رأي غوار الطوشة ، ونتاج تخطيطهم وسياساتهم وتنبؤاتهم توالت الكوارث على كل الأصعده وبلغ السيل الزبى بإقتراب المديونية من الناتج المحلي الإجمالي وتصاعد معدلات البطالة والفقر والعجز وفقدان هيبة الدولة ، والمُتابع للشأن الإقتصادي يعرف أن الحكومات لم تكن قادرة على التنبؤ والتخطيط لأشهر قليلة ، فكانت ملاحق الموازنة تبدأ من الشهر الثاني للسنة بحجة نسيان بعض بنود الموازنة ، وأحيانا ًكان هناك ثلاثة ملاحق في السنة الواحدة كما حدث عام 2010 ، علماً بأن الدنيا كانت ربيع والجو بديع ، فكيف بنا والسماء ملبدة بالغيوم؟؟!!.
إن الناظر إلى موازنات الحكومات وموازنات الوزارات والخطط التي تم وضعها سابقاً يرى كم اختلفت حسابات السرايا عن حسابات القرايا فيها ، فالحساب الختامي مقارنة بأرقام الموازنة في كل سنة يُحقق انحرافات قياسية ، ففي عام 2009 كان الفرق في الإيرادات بين التقديري والفعلي 945 مليون دينار حوالي 25% من حجم الإيرادات الكلي ، و كان عام 2010 (462 مليون دينار) و كان عام 2011(378 مليون دينار) و كان عام 2012(826 مليون دينار ) فإذا كانت الأجهزة المعنية غير قادرة على توقع الإيرادات للسنة القادمة ويحدث مثل هذا الإنحراف فكيف بخطة عشرية في ظل ظروف استثنائية .
أرى أن تَصرفْ الحكومة وقتها وجهدها في المكان المناسب ، فليس مناسباً تبديد وقت المواطن والوطن والمسؤول في موضوع يعلم المسؤول الذي يتكلم عنه أن فوق طاقته وأنه يضحك على نفسه وعلى من يتحدث إليهم .
وأرى أن تَصْرفْ الحكومة هَمّها لوضع استراتيجيات من شأنها خفض الكلف ووقف الهدر واستغلال امكانيات الوطن استغلال أمثل وإلزام كافة الوزارات والدوائر والمؤسسات المعنية بهذه الإستراتيجيات بدل إضاعة الوقت في وضع خطط وتستيفها في الأدراج وعقد المؤتمرات واللقاءات التي لا طائل منها سوى زيادة أعباء الوطن !!!.