الأمن الناعم و الأمن المائع
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
12-10-2014 03:51 PM
عرضت في مقالتي السابقه الجهد الذي يقوم به الجيش الاردني في حماية الوطن من اعداء الخارج و ممن يتربصون بهذا الوطن و ما تقوم به الاجهزه الامنيه من جهد مضني لحماية الاردن من اعداء الخارج و الداخل من ذوي الافكار المنحرفه و الضاله و الذين حولوا بلادا عربيه الى فوضى تحت شعارات في ظاهرها براقه و لكنها تحمل في طياتها السم الزعاف. و رغم محدودية الامكانات و الموارد في الاردن فقد اثبتت رؤية الحسين رحمه الله ان الانسان هو اغلى رأس مال للوطن و بقي الاردن صامدا في وجه الافكار المنحرفه و التي جرت على اخوة عرب الويلات سواءا كانت شعارات يسار جوفاء او شعارات متطرفه حاولت ان تتلبس عبائه الدين لتهدم البلاد و تشرد العباد.
ليكتمل الموضوع لا بد من الحديث عن الجرائم و انتشارها لانها جزء من امن المجتمع و استقراره و مكافحتها يشكل اساس متين للتنميه و السياحه و الحياة المستقره المنتجه. و هنا قد أكون قاسيا بعض الشئ في توصيفي و لكن يشفع لي الهدف الذي نجمع عليه و هو العز و الاستقرار للاردن و الحياة الفضلى للاردنيين الذين اثبتوا في المواقف الصعبه حبهم لوطنهم و تضحيتهم لأمتهم.
لا ينكر الا جاحد الجهود التي يقوم بها جهاز الامن العام و العبئ الضخم الذي القي على عاتقه خلال سنوات الربيع العربي و التي حمى فيها الاردنيين حتى المتظاهرين منهم سواءا من كان منهم على حق و من كان على باطل ففي النهاية كلهم اردنيون و هو مظلتهم جميعا.
كما لا ينكر احد المستوى الفني الرفيع و مواكبة التطورات التكنولوجيه و تميزه في الكشف المبكر للجرائم و الفاعلين و دوره الكبير في حماية الاردن من اخطار المخدرات و المحظورات التي اتلفت مستقبل اجيال في دول اخرى.
لكن انتشار الجريمه في المرحله السابقه يقرع ناقوس الخطر و يستدعي مراجعة شامله لاسلوب مكافحة الجريمه و يطرح سؤالا كبيرا هل ما يسمى بالامن الناعم ما زال مقبولا ام يجب تغييره حتى لا يتحول الى أمن مائع فاقد للثقه من المجتمع. فان كان الامن ناعم مقبول نسبيا في مرحلة ما يسمى الربيع العربي عندما اختلطت الامور على الكثير من ابناء البلد و ذاب الخيط الرفيع بين الحريه و الفوضى و بين الاصلاح و هدم المؤسسات التي بناها الاردنيين بالدم و العرق, اقول ان كان مقبولا نسبيا في تلك الفتره فانه لم يعد مقبولا على الاطلاق و الابقاء عليه يعد فشلا ذريعا و تردد كبير سندفع ثمنه جميعا.
ما نسمعه يوميا من تجاوزات سواءا من اصحاب الاسبقيات او ممن يضنون ان البلد فقد السيطره و اصبحت الفرصه سانحه لكل من تسول له نفسه ان يكون امير حرب و بلطجي يستدعي اعادة النظر بالاسلوب و هذا بالتأكيد اصبح مطلبا شعبيا لا تستطيع بعض الابواق او ذوي الاصوات العاليه حجبه. لقد وصلت الامور الى منحنى خطير باستشهاد عدد من افراد و ضباط الشرطه و اخرهم الشهيد ابو الشوارب. هنا نحتاج الى نفس عميق و اعادة تفكير لان ضياع هيبة رجل الامن سيؤدي بالضروره الى فقدان ثقة المواطن و تحوله لاخذ حقه بنفسه او حماية نفسه و عائلته بسلاحه او عشيرته و هذا سيؤدي لفوضى اضافيه و فقدان لمكتسبات الأمن و الاستقرار الذي يعتبر رأس مال الاردن و حصنه المنيع.
و حتى لا نظلم الادارات الحاليه فيجب التذكير ان التراخي ابتدأ عندما قامت احدى الادارات بأخذ عطوه من احدى العشائر باسم الامن العام و هذه برايي كانت نكسه كبرى لان جهاز الامن العام هو مظله للجميع و لا يجوز ان يكون طرفا و حتى ان ارتكب احد ابنائه مخالفه فهذه تحل بطريقه مؤسسيه و تحقيق داخلي و عقوبه داخليه تحفظ للجهاز هيبته و للمواطن ثقته بأمنه.
مرت الاردن بمرحله شبيهه قبل سنوات عندما انتشر اصحاب الاسبقيات و تجاوزوا الحدود خصوصا في الزرقاء و اربد و كانت الاجراءات القاسيه بحق عدد منهم هي التي ردعت البقيه. لذا فانني اؤكد ان ليس هنالك دوله حتى اعرق الدميقراطيات في العالم تضع ما يدعى بحقوق المجرمين و ما يدعى بمؤسسات المجتمع المدني قبل امنها. فالمجرم الذي استسهل سفك دماء الناس و ترويعهم لا حقوق له و لا يردعه الا العقوبات القاسيه.
اذكر ان حد الحرابة في الاسلام هو قطع الاطراف من خلاف و ذلك لخطرها على المجتمع و حد القتل هو القتل فمن استسهل دم غيره لا حرمة لدمه. و اما الرخاوة في تطبيق القانون فهو هدم للمجتمع من اساسه و أمن مواطن منتج او أسره شريفه اهم من كل المجرمين و اصحاب الاسبقيات و الذين هم عالة على المجتمع و مصدر افساد للجيل و ليس فساد فقط.
كنت اود الكتابه في الخاصرة الاخرى الرخوة في اداء الداخليه الان و هي شرطة السير و التي تعتبر الواجهه للامن العام و بصمته التي يراها المواطن و الخص ان وظيفتها ليست الجباية او التصيد و لكن حماية الناس و الممتلكات لذا لا بد من تطبيق القانون بقسوه على المخالف و عدم التمادي مع المنضبط. البحث في هذا الموضوع طويل و يجتاج مراجعه شامله.
الخص بأنني كمواطن اردني كما الغالبيه العظمى من ابناء هذا الوطن مللنا الأمن الناعم و مللنا قراءة اخبار البلطجه و السطو و التمادي و نشعر بالغثيان عندما نسمع عن حقوق القتله و المغتصبين و البلطجيه و ننتظر نهج جديد يعيد الامور الى نصابها و ان كان من على رأس هذه المسؤوليه من وزير او مسؤول غير قادر فرحمة بهذا البلد ان يفسح المجال لغيره. و اقول انه ان كان الاخوه العرب وجدوا في الاردن ملجأ امن فاننا ليس لنا ملجأ و لن تقبل بنا الدول. اجدادنا عاشوا هنا و دفنوا هنا و نحن لن نستبدل ذرة من تراب الاردن بكنوز الارض.
حمى الله الاردن عزيزا منيعا امنا مستقرا. حمى الله قيادته الهاشميه التي قد نختلف مع بعض من يحيط بها و لكننا لا نختلف عليها. حمى الله أبناء الاردن الذين قدموا الغالي و النفيس من اجل اردنهم و مقدساتهم و كرامة الامه.
ناشط سياسي و اجتماعي- جرش