العالم العربي .. فقدان دولة المواطنة
اسعد العزوني
09-10-2014 01:33 PM
كان بودي أن أضع العنوان :"الوطن العربي ..فقدان دولة المواطنة"، ولكنني وإلتزاما بالأمانة العلمية والبحث الصادق الملتزم،رأيت مقتنعا ،أن يكون العنوان:" العالم العربي ..فقدان دولة المواطنة"،ذلك أن كلمتي الوطن والمواطنة تنتميان لنفس العائلة الممتدة،بينما كلمة العالم ،كلمة فضفاضة ولا إلتزام فيها في أي مجال.
أردت في هذا المقال إستعراض حالة العالم العربي المستباح من الماء إلى الماء،والذي يدفع هذه الأيام ثمن سكوت وصمت المثقفين فيه المطبق،منذ العام 1916،الذي شهد حدثين مهمين أسسا لإنهيار المنطقة العربية برمتها ،وهما إعلان الحرب على الإمبراطورية العثمانية ،وتقسيم سايكس- بيكو.
هذا التقسيم مهد لزرع السرطان اليهودي في حلوق العرب ،بعد نزعه وإنتزاعه من حلوق الغربيين ،كما قال رئيس الوزراء البريطاني الداهية آنذاك ونستون تشيرشل، الذي قال "الآن ألقينا السرطان اليهودي في حلوق العرب بعد أن إنتزعناه من حلوقنا".
بعد إنجاز هذين الحدثين الخطيرين الترابطين والمخطط لهما جيدا ،برزت الدولة "القطرية "بضم القاف،وقد حملت معها كافة بذور الفناء ،وهذا ما نشهده حاليا،ولذلك فإن "إستمناء " تنظيم الخوارج الجدد داعش،وإطلاقه شيطانا رجيما ،إلا دليل على نهاية هذه الدول التي عاثت فسادا وإفسادا .
إتسمت الدولة القطرية بالإعتماد على الغرب،والقبول بالتمويل الأجنبي الذي لا يساوي في حقيقته الحد الأدنى لأجور تأدية مهمة بسيطة لصالح الغرب، ووهبت نفسها راضية مرضية لتنفيذ أجندة الغرب وخدمته،حتى أن أراضينا أصبحت مكبا لنفايات الغرب النووية و نفايات ربيبته إسرائيل النووية أيضا.
هذه الدولة قرنت بالهزيمة،رغم الغاني الوطنية "ويلك يللي تعادينا يا ويلك ويل:،وقد هزمت إسرائيل الدول العربية مجتمعة مرات عديدة وإستولت على أراض عربية ،ولا توجد دولة عربية إلا وبصمة الموساد نافرة فيها ، كما لا توجد دولة عربية بعدت أم قربت من إسرائيل في المساحة والمواقف ،إلا وتعرضت لعدوان إسرائيلي غاشم،ومع ذلك ما تزال الكراسي مثبة في مؤخرات من يجلسون عليها .
العالم العربي يفتقد للديمقراطية ،رغم وجود حكومات وبرلمانات ،والأمر عبارة عن تعيين ليس إلا ، رغم مظاهر وحملات الإنتخاب الصورية ،لذلك فإن الفشل هو سيد المواقف جميعها.
هجرة الكفاءات ورؤوس الأموال العربية مستمرة ،حتى أن التجار المحليين يقومون بتهريب رؤوس أموالهم إلى الخارج ،ويشتغلون بأموال البنوك المحلية ،لذلك نراهم وقد غلوا أيديهم ،الأمر الذي إنعكس سلبا على السوق المحلية.
الفساد هو السمة الكبرى للدول القطرية التي هي في طريقها للزوال ،ذلك أن الفاسدين مرتبطون بالسلاطين ،فهم أدواتهم ويقدمون الخدمات الجليلة لهم ،وهم ينهبون ما تيسر لهم بحكم مناصبهم دون أن يحاسبهم أحد،كما أنهم يعتبرون الدول العربية عبارة عن مزارع لهم ولأبنائهم وأحفادهم.
هناك قضية أخرى يجب تسليط الأضواء عليها وهي أن الحدود العربية- العربية ، ملتهبة ووضعها مقلق ،وهي تفتح أو تغلق بأمر السلطان ،وهذا ما يفسر العلاقات العربية - العربية التي تتطور من سيء إلى أسوا ،فيما أصبحت هذه الدول ترتبط بعلاقات محبة وتنسيق أمني وتبادل تجاري وتحالف يوحي بأن الأخوة قد تجلت بأبهى صورها.
لا مواطنة ولا حقوق إنسان، رغم وجود هياكل وميزانيات لذلك، من أجل خداع الغرب،وقد أصبحت حياة العربي مرهونة بنيل رضا السلطان بكافة مؤسساته ،واليوم تحول الأمر إلى ضرورة نيل الرضا الإسرائيلي،والصمت المطبق عن جرائم إسرائيل اللا إنسانية،كما تحول إلى رقم يسجل على غلاف ملف ،يحاسب فيه على النوايا.
النفاق يعد أحد سمات العالم العربي ،فالسلطان منافق لأنه يدعي حب الشعب والعمل من أجل رفعة الوطن ،وتحقيق المصلحة العامة، كما أن العربي الرقم منافق لأنه يدعي حب السلطان ويرفع شعار "منحبك".
العالم العربي الذي نتحدث عنه وهو قيد الإنهيار ،يعج بالمشاكل منها :إتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء ولم تعد هناك طبقة وسطى ،كما أنه يشهد إنهيارات مستمرة في قطاعات الصحة والتعليم ،ونجد المتنفذين يقومون بتعليم أبنائهم في المؤسسات الأجنبية فيما يصعب حتى على العربي الرقم أن يتعامل مع المؤسسات المحلية بسبب إنعدام القدرة لديه.
وهناك ظاهرة أخرى وهي الإحتكار ،حتى أن السلطة دخلت في هذا المضمار ،وأصبح إبن الزعيم زعيما حتى لو كان ينضح غباء،ولا تداول سلميا للسلطة ،ولا إنتخابات نزيهة يحكمها قانون منطقي ،بل تقوم على التزور والتعيين بناء على ما سبق ذكره .
كل هذه الظواهر التي أوردناها ، عجلت في إنهيار الدول القطرية برمتها ،لأن الغرب وإسرائيل ،قرروا تغيير خارطة سايكس –بيكو،وإستبدالها بخارطة الشرق الأوسط الجديد أو الكبير أو الوسيع لا فرق .