خلافاً للتوقعات انخفض السعر العالمي لبرميل البترول إلى ما دون المستوى الذي كان عليه عندما تقرر تحرير أسعار المحروقات وتعويض ذوي الدخل المحدود نقداً، وبذلك استنفد الدعم أغراضه وفقد مبررات وجوده، ومع ذلك ما زال قائماً، ومن يدري فربما كانت وزارة المالية سترصد مبلغاً كبيراً لدعم المحروقات في موازنة السنة القادمة مما يعتبر مهزلة.
رئيس الوزراء أعلن في حينه أن الدعم النقدي سيلغى إذا هبط سعر البرميل إلى 100 دولار، باعتبار أن سعر برميل البترول مؤشر لحركة أسعار جميع المشتقات النفطية من حيث أن البترول الخام يمثل 90% من كلفة المشتقات النفطية.
هذا الشرط الذي وضعه الرئيس لإلغاء الدعم تحقق أكثر منه، ومع ذلك فإن القرار بإلغاء الدعم لم يؤخذ بعد، فما هو السر في هذه المماطلة؟.
ليس هناك من سبب للتردد في اتخاذ القرار سوى الحرص على الشعبية الغالية من جانب حكومة أعلنت أنها لن تكون وراء الشعبية بل المصلحة العامة، فهل تقتضي المصلحة العامة إهدار ملايين الدنانير دون لزوم.
لو كانت الموازنة العامة تتمتع بفوائض نقدية لقلنا دع الدعم يستمر لاعتبارات اجتماعية كتبرع لبعض العائلات الأقل حظاً، ولكن الموازنة تشكو من عجز يفوق مليار دينار، تضاف إليه 5ر1 مليار دينار لدعم الكهرباء والماء، مما يضطر الحكومة لاستدانة 5ر2 مليار دينار سنوياً الامر الذي يعني تعريض الاقتصاد الوطني للخطر.
الإبقاء على الدعم النقدي الممول من الديون يعني أن عجز الموازنة هدف مطلوب لذاته لإغراق البلد بالمديونية وإبقائه تحت رحمة الدول المانحة وصندوق النقد الدولي.
المقصود بالدعم النقدي تعويض المستهلك للمحروقات عن فرق السعر الذي كان قد رفع عندما تقرر مبدأ التسعير الشهري على ضوء الأسعار العالمية، فكيف يستمر عندما أصبح الفرق إيجابياً؟ ألا يكفي في هذه الحالة أن الحكومة لم تحاول أن تمتص الوفر لصالح الخزينة بل تركته ليستفيد منه المستهلك؟.
لا معنى لمطالبة وزارة المالية بضبط النفقات طالما أنها تواصل دفع نفقات غير لازمة على سبيل التبرع.
الوقت المناسب لاتخاذ قرار إلغاء الدعم هوالآن، وإذا لم ينفذ الرئيس التزامه بوقف الدعم حتى بعد تخفيض الأسعار المحلية للمحروقات بنسبة 7% خلال شهرين، فمتى يفعل.
(الرأي)