الجيش و الأمن و لحظة الحقيقه
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
08-10-2014 01:30 PM
سنوات مضت على الاوضاع الملتهبه حولنا و ما زلنا و الحمدلله في الاردن نعيش حياة اقرب الى الطبيعيه. نمارس اعمالنا يوميا و نركن الى بيوتنا مطمئنين على ابنائنا و عوائلنا من اي تهديد.
لكن هذا ليس وليد الصدفه بل نتاج سنوات طويله من الاعداد و الاستعداد من الجيش و الاجهزه الامنيه. تلك الاجهزه التي رميناها بسهام السنتنا ايام الهدوء و هم صابرون على الاساءه لسان حالهم اننا نغفر لاهلنا فهم لا يعلمون.
اسوق هذه المقدمه لانني قرأت و سمعت و قد اكون شاركت في توجيه النقد لتلك الاجهزه في فترات الاسترخاء معتقدين ان ديمومه الحال اكيده و لكن ما ان دقت لحظة الحقيقه و اصبح الخطر محدقا بنا حتى هب نشامى الوطن من الجيش و الاجهزه الامنيه مضحين بحياتهم و وقتهم و حياتهم العائلية متناسين كل نقد و اساءه وجهت لهم عن قصد او بغير قصد و عنوانهم اننا جميعا للوطن.
لقد رأينا كيف كانت تنطلق الاقلام المسمومه و الالسنه القذره و اصحاب الاجندات كلها تنتقد تلك الاجهزه و بلغت الجرأه ان اخذ قله يطالب بالغاء جهاز المخابرات و البعض ينتقد ميزانية الجيش تحت ذريعة اننا لسنا في حرب. اليوم تدق لحظة الحقيقه عندما اصبح امننا في خطر و اصبح اخوان لنا في دول مجاوره لا يأمنون على دمائهم و اعراضهم و حياتهم. اليوم حصحص الحق و رأينا كيف ان السنوات الطويله التي انقضت في اعداد الكوادر و الاستعداد لهذه الايام, رأينا كيف اعطت اكلها امنا و استقرارا في محيط متلاطم غارق في الفوضى.
لا اقول اننا امنين مئه بالمئه فما زال بين ظهرانينا من هو مأجور عقلا او فكرا أو مدفوع ليزعزع امننا و لا يجب ان نكتفى بالردع الذي يقوم به الجيش للاعداء الخارجيين او الضبط الذي تقوم به الاجهزه الامنيه لاعداء الخارج و الداخل. بل كل مواطن فينا هو حارس و يجب ان يكون رديف لتلك الاجهزه ليس فقط بالجهد و لكن ايظا بمحاربة الطابور الخامس, طابور الاشاعه و طابور هز الثقه باجهزتنا و بوطننا و بعرشنا.
نحن نعرف ان في الوطن فساد من اقتصاديين و سياسيين و نعرف ان كثير من اجهزة الدوله تحتاج اصلاح و لكن الان الاولويه لرص الصفوف و الدفاع عن حاضرنا و مستقبل ابنائنا في هذا الوطن. الوقت الان ليس لتصفية حسابات بل الوقت فقط لمحاسبة اعداء الوطن. الوقت لتعريف العدو و هو كل من اراد بالاردن و اهله شرا و تعريف الصديق و هو كل من اراد للاردن و اهله خيرا.
انا اكتب الان لانني اعرف انه بعد ان تستقر الامور و تذوب الاخطار الكبرى سيعود للتنظير من حزموا الان حقائبهم بانتظار اول رصاصه او اول متطرف ليركبوا اول طائره و ما هي الا اسابيع او اشهر وتبدأ الحلقه من جديد بانتقاد تلك الاجهزه تحت مسميات الدمقراطيه و الحريه و التي استوردنا منها القشور و احلناهم الى فوضى و تمرد و استقواء لاصحاب السوابق و الاجندات المشبوهه.
و انني استغل هذه المناسبه لاقول ان الواقف الان في خندقه او مرابط على الحدود مقتنع انه قد لا يعود و واجبنا جميعا ان نسانده بان يكون مطمئنا على ابنائه و عائلته. و لقناعتي ان سنة الخدمه سواءا في الجيش او الاجهزه الامنيه تعدل في جهدها ما يزيد على سنتين خدمة مدنيه فانني ادعو ان تعامل الرواتب و الاستفادات بما فيها قبول الجامعات بنفس المعيار و ان يكون راتب المجند في الجيش و الاجهزه الامنيه ضعف مثيله المدني. لا ارى في ذلك جورا بل قمة العدل فانا كطبيب اعمل بأمن لان هنالك جندي مرابط في خندقه و التاجر يعمل باريحيه لان هنالك رجل أمن يستبق الخطر و المعلم يدرس دون ان ترتجف يداه لان هنالك عسكري او رجل امني يتابع و يراقب و يضحي بوقته و جهده و وقت عائلته لينعم الطلاب بالسكينه و الهدوء.
في النهاية قبلة تقدير و اكبار على جبهة كل جندي و كل رجل من اجهزتنا الامنيه. و حمى الله الاردن عزيزا مهابا مستقرا.