حادثة عظيمة حادثة الحاجة التونسية التي إستعادت بصرها إذ لجأت الى الله العلي القدير راجية منه سبحانه أن يرد اليها بصرها أثناء وقوفها بجبل الرحمة جبل عرفات ، فلم يردها الرحمن الرحيم خائبة ورد اليها ما فقدت في طرفة عين ، وفي هذا عبرة للبشر كافة المؤمنين وسواهم ، فكل شيء وكل أمر في هذا الوجود هو بيده وحده سبحانه وما خلا ذلك محض هراء ، إذ ليس بيد احد مهما علا شأنه أن يقرر في أمر العباد الا بإرادته جل في علاه .
مؤكد ان تلك الحاجة التونسية بارك الله حجها لم تترك وسيلة دنيوية الا وجربتها بأمل ان تسترد بصرها ولكن دون جدوى ، فقد عجز الطب أمام حالتها ولكن قدرة الحق سبحانه وهو الخالق والمدبر شاءت ان ترحم ضعفها ورجاءها وكان لها ما ارادت عندما توجهت اليه جلت قدرته بالدعاء وهو لب العبادة متوسلة عطفه العظيم ليرد اليها بصرها .
هذه الحادثة العظيمة تجسد حقيقة عظمى في هذا الوجود قوامها أن لا تسأل الا الله بعد ان تأخذ بالاسباب ، وأن لاتستعين إلا بالله وأن تتوكل عليه وحده تعالت قدرته فبيده وحده ان ينفعك او يضرك وليس لبشر قدرة في هذا وغيره الا بإرادته سبحانه ، وأن تكثر من الدعاء المخلص المتيقن فعلا أن الله قادر على ان يحقق لك رجاءك ما دام مشروعا ، اما الغافلون الضالون الذين يتوهمون بخلاف ذلك فندعوا لهم بالهداية وإلا فهم في ضلال مطبق سينتهي بهم لا محالة الى غير ما يريدون او يتمنون ، وسبحان الله الذي يمهل ولا يهمل ، وسبحان الله القائل ً ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ً صدق الله العظيم .
مبارك لتلك الحاجة المؤمنة حق الإيمان استردادها نعمة البصر دونما تدخل طبي عظيم ، وإنما بتدخل رباني أعظم من كل تدخل ، ونبتهل اليه رب العرش العظيم أن يرحم جهلنا وضلالنا وأن يغفر ذنوبنا ومعاصينا وان يجعلنا من عباده المقربين الى ذاته العلية الجديرين برحمته وغفرانه ومودته وجنته العظيمة ، إنه نعم المولى ونعم النصير ، وهو من وراء القصد .