إن من يفهم بألف باء السياسة سيصل بسهولة الى ما ستؤول اليه هذه القمة التي طُبل لها كثيرا ، فالدولة المستضيفة ( سوريا ) هي بذاتها ستعزز من فرص فشل هذه القمة بامتياز ، ويضاف الى ذلك كم هائل من دمامل السياسات العربية التي تحتاج الى عشرات وربما مئات القمم لتجعلها قابلة للنقاش فضلا عن حلها .
إن السياسة السورية والتي توصف بـ ( البراغماتية ) لن تكون رافعة لإنجاح هذه القمة،ولن تتمكن من رسم خارطة للعمل العربي تحوز على الحد الادنى من القبول حتى وإن كان ذلك برتوكوليا ، فطابع الغموض الذي يكتنف هذه السياسة سيجعل البعض متشككا من نوايا أصحاب القمة ، وسيُدفعون الى دوامة سؤال هل ذهابهم الى هناك لمناقشة القضايا العالقة ومحاولة حلها أم أنهم سيكونون مجرد ضيوف شرف؟؟ بينما - في الوقت ذاته - تعزف جوقة المحور السوري الايراني معزوفتها التي لا تطرب ، والتي - أيضا - ليس فيه ما يثير شهية البعض لفتح قنوات من الحوار والسياسة الهادئة لجسر الهوة والاقتراب قليلا .
إن هذه القمة تحمل بذور فنائها في ذاتها، ويكاد لا يشعر أي عربي بغض النظر عن مشربه السياسي أو الفكري بأي أمل أو فرصة لتحقيق ما هو أدنى من الحد الأدنى الذي يطمح اليه من ينتظر ويرتقب من عقلاء الأمة.
فقمة دمشق ستكون قمة عربية في ظاهرها ، ولكنها ستحمل في باطنها نفسا ( ايرانيا ) وسيكون هذا الحضور الايراني طاغيا ،حتى وإن لم يُرَ على مائدة القمة فعليا ، ولكنه سيترك أثرا كبيرا في تفريغ هذه القمة من مضمونها العربي ، وإعادة صياغتها لتصبح صفحة لا تقبل الا لغة واحدة ولا تلمح فيها حرفا الا الحرف الايراني ، ومع كل ذلك سنرتقب مع المرتقبين وإن علمنا منذ الأزل أن قممنا العربية وليس قمتنا هذه فقط هي هاوية تتلو هاوية.