بكر خازر يكتب : حرب الجاسوسية واسع ومتعدد وفي كل الاتجاهات
06-10-2014 03:55 AM
عجلون نموذج بسيط من نماذج عالمية في المنطقة وخلال الحروب الكونية
تم ضبط أكثر من جاسوس إسرائيلي في الأردن على مدى العقود الثلاث التي تلت حرب عام 1948 ،أي من عام 1948 وحتى أواسط السبعينات . وتحتوي ملفات الجاسوسية العديد من الأسماء العربية والإسرائيلية الذين كانوا يعملون باتجاه واحد لصالح احد الأطراف او كعميل مزدوج لصالح الطرفين.
وقصة رأفت الهجان المصرية ليست ببعيدة وان كان فيها مبالغات عديدة ، وعمليات زرع الألغام في البحر أو في الموانئ هي بمثل زرع أجهزة التصنت والتشويش والرصد التي تمت على ارض عجلون.
ومن قصص الجاسوسية ( الجاسوس كوهين ) المعروف باسم أمين ثابت الذي وصل إلى أعلى مراتب السلطة في سوريا ، وهناك العديدين ممن تم تجنيدهم بأساليب الجنس والمال وبأسلوب استغلال الحاجات الإنسانية أو من بين من هم حاقدين على البلد التي يعيشون فيها وينتقمون بطرق التجسس على هذه البلد من مواطنين ووافدين وزائرين وغير ذلك.
ليست هذه المرة الأولى التي يخترق العدو أرضنا لتثبيت وزرع أجهزة تصنت ، وقد تم اكتشاف العشرات من فناجين أعمدة الهواتف وقد تسلل إليها العدو واستبدل نفس الفنجان الأبيض أو الأسود وزرع مكانه جهاز بنفس شكل الفنجان يحتوي أجهزة بث للمكالمات في السبعينات وحتى الثمانينات، لهذا يلجأ الجيش دائما باعتماد الخط الأرضي في العمليات العسكرية مع التفتيش اليومي على الأقدام للسير مع خط السلك للتأكد من عدم تركيب جهاز تصنت أو مد خط فرعي منه إلى جهة أخرى .
وقصة عجلون واختيار المكان تحديدا له تاريخ لأنه بالقرب من المكان كان رادار عجلون الشهير الذي اكتشف تحليق طائرات العدو فجر الخامس من حزيران عام 1967 باتجاه مصر ، وابلغ الرادار الجهات المسؤولة فورا ،ووصلت الرسالة إلى الجانب المصري قبل وصول الطائرات المعادية بعشرين دقيقة وهذه فترة كافية لتحليق كامل سلاح الجو المصري في الجو والتصدي للعدو ، لكن وكما وردت القصة في كتاب وزير الحربية المصري محمد فوزي ( مذكراتي عن حرب 67 وقد كان هو وزير الحربية المصري يومها ) ان الدفاع الجوي المصري لم يستخدم الشيفرة الجديدة المتفق عليها مع سلاح الجو الاردني ،وهناك خطة مبيتة كما يبدو لعدم تغيير الشيفرة ،وليكتشفوا فحوى برقية رادار عجلون بعد فوات الأوان ، ولتكون قصة رادار عجلون هي من بنود تهم محاكمات المقصرين والمسؤلين عن هزيمة حرب 67 بين القيادات المصرية والتساؤل كان : لماذا لم يتم اعتماد الشيفرة الجديدة التي يتم تغييرها بشكل فوري في بداية اول كل شهر.
رادار عجلون صاحب التاريخ وموقع عجلون المرتفع والاستراتيجي ووجود عصب الاتصالات الأرضية بين المواقع العسكرية وان معظم ذبذبات الرادار وموجات الاتصالات تمر من ذات المنطقة ، وللحقد المعادي إزاء رادار عجلون الذي لو قرأ المصريون يومها برقيته لتغير مجرى تاريخ المنطقة بأسرها ، ولكان وضع منطقتنا مختلفا ، فليس غريبا لهذه الاسباب وغيرها ان يركز العدو على هذه المنطقة ، وعملية زرع أجهزة اتصالات وتصنت تتم في أعظم الدول من ناحية القدرة الاستخبارية طالما توفر الغطاء للقصة من مثل توفر عميل يمهد لهم زرع الأجهزة ، ومن مثل اللجوء إلى شركات أجنبية تكون مجندة مسبقا تعمل في مشروع اتصالات وخلال الحفر والعمل الذي يوفر التغطية على الهدف ينفذ أشخاص هم عملاء أو جواسيس ما يريدون ،عدا عن ان السائحين هم اكبر مصدر للمعلومات طالما يحمل كل إسرائيلي أكثر من جنسية ويتحدث أكثر من لغة ويزور أي دولة عربية ويتجول فيها بكل يسر.
ولكن ونحن نقرأ في قصة عجلون وما كان من إشاعات وترهات نلاحظ ضعف الحس الوطني ،وعدم الرغبة بتصديق أية رواية كانت إلا تلك التي تتفق مع أهواء البعض ، وكأننا نريد دائما جلد هذا الوطن ، مع غياب الثقافة الأمنية التي تدعونا لان نكون خفراء وشركاء مع الجندي في الحماية الوطنية والأمنية ،وان نمارس دور الشريك الوطني وليس المبدع في الاتهام والتشكيك والتدخل في قضايا علينا ان ننتظر الروايات الرسمية وليس روايات من له مشكلات مع نفسه وغير نفسه ويتصيد كل شيء للتشويش والتخريب.
نعم نتناول قضايا مثل قضية عجلون وكأننا نحن الوحيدون على سطح الكرة الأرضية بلا أعداء داخليين وخارجيين ، وكأننا مفصولون عن التاريخ وعن قصص الجاسوسية العالمية، وكأننا لم نقرأ عن قصص الجاسوسية خلال الحرب العالمية الأولى والثانية وغيرها، وكيف أبدع الجواسيس في زرع أجهزة التصنت والإرسال واختراق القيادات العليا على كل المستويات ، وهذا لم يحصل لدينا مطلقا ،وكل الحالات في الأردن هي في مستواها الأدنى ولأفراد مغرر بهم ولا يتجاوز العدد عشرة أشخاص.
وإذا ما قرأنا بعض القصص فان مرافق زعيم دولة كان مسدسه عبارة عن جهاز إرسال لجهة معادية ، وانه تم إهداء رئيس دولة صقر ليضعه في مكتبه وقد كانت عين الصقر هي ميكروفون وكاميرا تصوير، وتحرص كل سفارة ان تشرف الأجهزة الأمنية في بلدها على البناء أو استلام المبنى وتمشيطه من وضع أجهزة التصنت والتصوير ، وحتى ان بعض البلدان اكتشفوا ان لوحات الإعلان المثبتة في الشوارع أو على واجهات المحلات هي كاميرات تصوير ، وتم اكتشاف العديد من حالات التصنت على المكالمات بطرق مختلفة تطورت الآن إلى ما هو اعقد بفضل الثورة التكنولوجيا العارمة.
من هنا نرى الحاجة إلى الثقافة الأمنية والتوعية الصحيحة لنراقب وننمي الحس الأمني في كل مجال لنكون فعلا خفراء هذا الوطن وحارسيه وان نحارب كل أنواع الإشاعات التي تسري ونتجنب ان نكون جزءا من الحرب المعنوية والنفسية علينا بل ان نكون الحصن المنيع لبلد منيع كله الكبرياء والاعتزاز
وكل عام وانتم بخير .