الحرب على داعش .. العرب يسهمون في تقسيم أنفسهم مرة أخرى
اسعد العزوني
04-10-2014 06:51 AM
فجأة ، رأينا تنظيم الخوارج الجديد داعش ،"يدشع " في المدن والبراري في كل من العراق وسوريا ،ويهدد بالوصول إلى مصر بعد الأردن ولبنان والسعودية ودولة الكويت، ويهدد بتفجيرات في قطر،وعلاوة على ذلك يهدد الأمريكيين في رسالة صريحة :موعدنا في نيويورك؟!
وكان تقدمه على نسق ما جرى خلال العدوان الإسرائيلي على الدول العربية في شهر حزيران 1967 ،حيث كان الوضع على طريقة :سلّم وإستلم، إذ إنسحبت القوات العراقية وحتى السورية من أمامه وكان ما كان.
بعد ذلك ، إحتل هذا التنظيم المأجور وكبير خوارجه، المدعو أبو بكر البغدادي ،وبغداد منه بريئة ،الإسم الأول والصورة الأولى في الإعلام العالمي ،وبدأ الخوف والهلع يدبان في قلوب المسلمين قبل المسيحيين والأقليات،لأن شعار :"جئناكم بالذبح"، ترجم على أرض الواقع جزّا وقطعا للرؤوس وحملها مباهاة وعرضها على اليوتيوب ،لتعميق الفضيحة وإشهارها أكثر،وهذا ليس من الإسلام في شيء، لأن الإسلام دين رحمة ومعاملة.
المفاجأة الثانية التي صعقتنا جميعا ،هي الحراك الأمريكي المشبوه ،لتشكيل تحالف عالمي للحرب على داعش،وقد نجحت أمريكا في إغواء دول عربية للمشاركة في هذه الحرب التي هي ليست حربنا ،لأن داعش ليس منا ولا لنا ،بل هو صناعة إستخبارية أمريكية بريطانية إسرائيلية ،لتقسيم الوطن العرب مجددا.
كانت المشاركة في التحالف العالمي عربيا تمويلا وضربا وتقديم خدمات لوجستية ،وتطور الموقف إلى التبشير بحرب برية، بعد أن كرر أوباما أن حرب داعش ستكون جوية فقط ،لكن رئيس أركان جيشه فضح الطابق بالتدريج ،وقال مرارا أن الحرب البرية لا بد منها.
تركيا التي كانت بعيدة عن اللغط الداعشي ،وجدت نفسها في أتون المعركة ،بعد مشاركة أردوغان في لقاءات نيويورك في الأمم المتحدة ،وقررت المشاركة في ضرب داعش ،مقترنة هذه الرغبة بالإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.
وجاءت أستراليا وفرنسا وبريطانيا ،حيث ضم التحالف خمسين دولة مدججة بالأسلحة ، إلى منطقتنا بحجة محاربة تنظيم داعش الذي يعد حصان طروادة الحديث ،ولا يعرف العامة أصله وفصله، لكن وكيل السي آي إيه إدوارد سنودن ،ومدير موقع الشرق الأوسط الإليكتورني في أمريكا اليهودي الأمريكي مارك بروزونسكي ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون يعرفون الحقيقة وهي أنه نتاج السي آي إيه والإم آي 6 والموساد.
كان العرب في جاهليتهم التي لم تنته حتى اليوم ،عندما يريدون طمس آثار جريمتهم ضد شخص أو قبيلة ما ، يكلفون القبائل بإنتداب فرسان للقيام بالمهمة ،وقيل أن دمه توزع بين القبائل ،بمعنى أن القانون لن يطال أحدا عند البحث في الجريمة،وهذا ما ينطبق على التحالف الخماسيني المطعم بالعرب والمسلمين ،حيث سيضيع دمنا بين أعضاء التحالف الخمسين ،ولا ندري من سينضم إليهم لاحقا لزوم إكمال أصول اللعبة،ولا أقول دم داعش ، وسوف لن نعرف بالتحديد من هو خصمنا ، لأن هذا التحالف لم يأت للقضاء على داعش ،بل جاء لتقسيم المنطقة العربية ،وإلغاء خارطة سايكس بيكو.
وكما هي عادة العرب ،وجدوا أنفسهم أداة في هذا المشروع ،كما كنا غداة فرض خارطة سايكس –بيكو بين بريطانيا وفرنسا ،بعد طرد العثمانيين من بلادنا ،وكوفئنا بالتجزئة وزرع السرطان اليهودي "إسرائيل" في حلوقنا بعد تخلص حلوق الغرب منه ،كما قال رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشيرشل آنذاك.
هناك ملاحظة يجب التركيز عليها ،لأنها من مفاتيح اللعبة ،وهي أنه رغم القصف الجوي المستمر من قبل طائرات التحالف الخماسيني ، ضد ما يقال أنها أهداف داعش ،نلحظ أن هذا السرطان يواصل تمدده هنا وهناك،ويسجل إنتصارات في العراق وسوريا ،حتى أنه يتقدم في مواقع كردية ،ومعروف أن الأكراد جبليون وهم مقاتلون أشداء، لكنهم أمام داعش تقمصوا الشخصية العربية في الحروب مع إسرائيل،وليس سرا القول أن ما يحدث بين الأكراد وداعش ،إنما هو جزء من اللعبة وإحدى المهام الموكلة إلى داعش.
الأغرب من كل ما تقدم ،هو التصريحات التي يطلقها كبار المسؤولين الغربيين في التحالف الخماسيني ،ومفادها أن الحرب على داعش ستستمر سنين طوالا ،بعد أن كان أوباما قد حدد 3 سنوات للقضاء على داعش ،ولا أدري ما هو السر الذي يجعل هذا التحالف الخماسيني يستغرق مثل هذا الوقت لمحاربة تنظيم وليد مرتزق ،وليس قوة متجذرة في دولة عظمى.
الحرب على داعش عربيا ، أثبتت عمليا وبما لا يدع مجالا للشك ،أن المشاركين فيها سجلوا مخالفات عقدية كثيرة أولها ما يتعلق بموقعهم وموقفهم من الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي،إذ أن أحدا منهم لم يحرك ساكنا دفاعا عن الفلسطينيين وهم يتعرضون لحرب الإبادة الإسرائيلية وآخرها العدوان على غزة الذي إستمر لأكثر من خمسين يوما ،ولم نر دولة عربية حركت جيوشها لنصرة غزة هاشم.
كا أثبتوا أنهم أداة طيعة ومطواعة بيد الغرب الطماع الجشع الذي يأخذ ولا يعطي،بمعنى أنهم ينقادون بكل السهولة والسذاجة للأوامر الغربية ،وليس سرا القول أن كلفة الحرب على داعش ودية الجنود الغربيين الذين سيقتلون ولو بنيران صديقة ،ستكون على حساب العرب،إضافة إلى الفوائد والبقشيش .
أختم بالقول أن العرب الذين أسهموا بتقسيم أنفسهم سايكس –بيكويا بالمس ، يقومون اليوم بنفس الدور ولكن على أسخم لأن تقسيمهم هذه المرة سيكون بالأمتار إثنيا وعرقيا ودينيا حسب الرغبة الإسرائيلية،ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد أو الوسيع لا فرق.
هناك قضية أخرى نستنبطها من الحرب على داعش، وهي أن الدول الغربية تكثف من ضغطها وإبتزازها للدول العربية وخاصة العراق الغني وبعض دول الخليج ، لعقد صفقات أسلحة بحجة الخوف من داعش.
مايتوجب قوله هنا هو أن الغرب يستمر بحربه المشبوهة على داعش بمشاركة عربية،وإسرائيل تواصل تهويدها للقدس وفلسطين بدعم عربي.