ماذا تتوقعون عندما تتحرك طائرات وأساطيل الأمريكان ؟ هل جاؤوا هؤلاء لاستكمال نشر الديمقراطية في المنطقة وإقرار حقوق الانسان ؟ بعد نجاح النموذج العراقي !! أم جاؤوا للدفاع عن حقوق المقهورين والمظلومين من ابناء المنطقة في الموصل والرقة والشمال السوري ؟! وهل استشعروا فساد حكوماتها عن بُعد وقرروا البدء بالإصلاح الأمني والسياسي في دول المنطقة لايصال شعوبها إلى المستوى الإقتصادي الذي يكفل لهم العيش الكريم تكفيراً عن تاريخهم الملوث بالنهب والسلب والدماء في المنطقة والعالم ؟؟!!.
إذا كانت امريكا بقضها وقضيضِها بحاجة إلى تحالف دولي من 30 دولة ويزيد فيها من القوة والعظمة ما فيها ولمدة أقلها 3 سنوات على حد تعبيرهم للتعامل مع 30 ألف مقاتل فأين عظمة امريكا وسطوتها وتحكُمها في العالم وجبروتها وأساطيلها وطائراتها واستخباراتها ومُخابراتها ؟؟! فلو أوكل لكل دولة 1000 مُقاتل فهل نحن بحاجة إلى هذا السيناريو المُرعب واستنفار المنطقة لمثل هذه المدة من الزمن أم أن تشغيل مصانع الأسلحة والطائرات وطواقمها والخبراء العسكريون اصبح مسئولية عربية تتحملها موازنات دول المنطقة القادرة بما يستنفذ ثرواتها ومُدخراتها وموجودات صناديقها السيادية حاضراً ويرهنها مستقبلاً.
هل حقاً تُريد امريكا القضاء على داعش وتجفيف مصادر المال والسلاح كما تدعي ؟ كيف اصبح هذا التنظيم على هذا المستوى من الغنى والقوة ؟! كيف يتم بيع وشراء نفط داعش ؟؟! كيف تنتقل الأموال في البنوك في ظل قانون الفادكا الأمريكي ويعجز تاجر حقيقي أحياناً عن تحويل اموال لشراء سلع وبضائع يتجر بها؟؟! ويعجز البعض عن تحويل مصاريف ابنائهم الطلبة الدارسون في الخارج , هل الولايات المتحدة كانت ولا زالت مَغيبة عن كل هذا ؟ وعندما علمت جَيشَّتْ ما استطاعت من الدول والجنود لحرب هذا التنظيم أيُّ استغفال للعقول هذا الذي نسمع ونرى!!! ولو قيل لك هذا عام 2009 وأن معالم المنطقة السياسية ستتغير على هذا النحو لكان ما قيل أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة ؟
إن مباشرة امريكا الغارات في الأراضي السورية وقصفها لمناطق داعش وتدريبها لعناصر مُعارضة تُسميها معتدلة بغرض احتلال المناطق التي تحتلها داعش هو اعتداء على سوريا وخرق فاضح للقانون الدولي الذي من المفترض أن يحترم سيادة الدول وفي حال عدم رضا المحور السوفياتي الإيراني الصيني السوري هل ستكون المنطقة ساحة لاستعراض وتجريب أحدث تكنولوجيا الأسلحة المُنتجة في مصانع الفريقين ؟
إن استمرار مشروع بلقنة المنطقة التي بدأتهُ امريكا باحتلال العراق وتوالت المحاولات للوصول إلى ذات النتائج بدأ بالشرق الأوسط الكبير ثم الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخَلَّاقة التي أطاحت بالنظام العربي أو كادت انتقالاً إلى مسلسل الإصطفاف السُني الشيعي بهدف خلق أعداء جُدد للعرب للفت النظر عن تمدد اسرائيل واحتلالها للأرض الفلسطينية ، وإذا كانت امريكا معنية بحقوق الانسان وإعادة الحقوق إلى اصحابها فأين هي في النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ؟؟!!.
بالمُحصلة فإن إغراق المنطقة في وحل الدماء والثارات والعودة إلى داحس والغبراء هو مُحصلة ما تقوم به امريكا وحُلفائها، وهي تستطيع فعل هذا الذي تدَّعيه بلا حروب وبلا جيوش حيث أن مُقاتلي داعش دخلوا سوريا والعراق من الحدود البرية للدول المجاورة والتي تدور في الفَلك الامريكي ، وتُدار بالقرار الامريكي وهي الدول التي كان يجب أن تتوقف عن السماح لهؤلاء بعبور حدودها هم واسلحتهم إلى سوريا ومنها إلى العراق وبقرار دولي ومراقبة دولية للحدود.
كما يتم مراقبتها الآن لمنعهم من العودة ، وهل نصبت امريكا لهم فخاً للقضاء عليهم والعودة بالمنطقة إلى العصور الوسطى لإنعاش شركات السلاح ومصانع إعادة الإعمار التي اصبحت تعتمد على آلآت الدمار الأمريكي التي تعمل على هدم وتخريب وتدمير المُدن والقرى لتأتي هذه الشركات والتي تملكها امريكا والغرب على وجه الخصوص لتعمل على إعادة الإعمار واصبحنا ندفع الفاتورتين فاتوة الدمار وفاتورة الإعمار كما واستئجار الجيوش والأساطيل والطائرات والخبراء العسكرين العاطلين عن العمل الذين اصبحوا عالة على دافع الضريبة في بلده لتكون فرصة مواتيه له لمُضاعفة دخله ودعم موازنة بلاده.
أيُّ زمان هذا وأيُّ تَرديِّ وصلت إليه حال الأمةِ إن بقيت هناك أمةٌ !!! هم يُريدونَنا أُمم وهم فقط من يُسمح لهم بأن يتوحدوا !! ورأينا كيف زُلزِلتْ بريطانيا العُظمى عندما دعا انفصاليوا اسكتلندا لاستفتاء عام على الإنفصال وكيف جَهِد الغرب لتكون نتائج الاستفتاء الإبقاء على الإقليم كما هو ، وكيف ضمت روسيا القرم !! وكيف تَشكل الاتحاد الأوروبي على خلفية 50 مليون قتيل سقطوا في حروب خاضتها هذه الدول ضدد بعضها البعض ليعودوا للوحدة رغم ضعف مقوماتها وقوتها لدينا!!! .