الأردن وأمنا الغولة أمريكا .. وداعش
اسعد العزوني
30-09-2014 03:24 PM
عادت حليمة أو الست ريما إلى عادتها القديمة ،كما يقول المثل الشعبي الدارج ،للدلالة على من لا يمل من الحديث في شيء ما ،ونحن هنا بصدد الحديث عن متلازمة الأردن وأمنا الغولة أمريكا وتنظيم الخوارج الجدد داعش ،الذي ولد من رحم مجمع المخابرات الأمريكية والبريطانية والموساد الإسرائيلي.
وكما هو ثابت في الذاكرة ، فإن الأجهزة المعنية الأمريكية السياسية والأمنية والإعلامية والبيت الأبيض ، دأبت مرارا وتكرارا على بث معلومات وأخبار وتخوفات من خطر داعش على الأردن ،وكانت النتيجة أن دخل الأردن الرسمي في تحالف الخماسين الأمريكي ضد تنظيم داعش الإرهابي.
وقبل يومين عادت أمريكا من خلال تقاريرها الأمنية – وبالمناسبة كثفت الأجهزة الأمريكية الأمنية من تقاريرها حول قدرة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين النووية وحجم الخطر الذي يتهدد أمريكا منه ،لكن المسؤولين الأمريكيين ومنهم بوش الصغير إعترفوا أن تلك التقارير كانت مضللة ،ولا أثر للحقيقة فيها ،ولكن بعد فوات الأوان وخراب البصرة كما يقولون- إلى نفس الأسطوانة المشروخة وعزفت على الوتر المقطوع وهو الخطر الداعشي الذي يتهدد الأردن ،مع أن المفروض أن هذا الداعش المنبثق من الرحم الإستعماري ،قد ناله الوهن بسبب ضربات تحالف الخماسين لمواقعه ،ودكها دكا .
لا يوجد أي مذاق للمنطق في تلك التقارير ، لأنها تبطل منطقيا ما نجحت أمريكا فيه بسهولة وهو تشكيل التحالف الخماسيني "الخمسيني"،لمحاربة داعش ظاهريا ،لكن باطنه الوصول إلى إحتلال رسمي لمنطقة الهلال الخصيب "العراق وسوريا " قلب الشرق الوسط،وهذا ما نلمسه من تصريحات رئيس هيئة الأركان المريكية الجنرال ديمبسي الذي قال مرارا أن الضربات الجوية لداعش لن تكفي ،لذلك يتوجب الإستعانة بقوات برية ،وهنا لا بد من التذكير بتصريح سابق للرئيس الأمريكي أوباما قال فيه أن بلاده وأوروبا تعكفان على تشكيل جيش مشترك لإحتلال العراق وسوريا.
الدلائل على ذلك كثيرة فقد قام تنظيم داعش الإرهابي بإعدام رهائن أمريكيين وبريطانيين وفرنسي ،والمضحك حد القهقهة في تلك الأفعال الإجرامية أنها جاءت مكشوفة ،بمعنى أن أجهزة المخابرات تعرفت على من ذبح من خلال لكنته اللندنية ،وهنا لا بد من التساؤل :هل من المعقول أن من يرتكب جرما دوليا يكشف نفسه بهذه الصورة ،والمعروف أنه حتى العاشق يفضل رؤية عشيقته سرا حتى لا يراه أحد ،فكيف بمن يذبح رهائن غربيين بالسكين ؟
ولم يعد خافيا أن امريكا ومن ورائها إسرائيل ،وصاحبة الخبرة في توريط الآخرين بريطانيا ،نجحت في صرف أنظارنا عن إسرائيل ،هذا إن كان هناك من ينظر إلى إسرائيل بعين العداء ،ومع ذلك جرى صرفنا عن العدو الحقيقي إسرائيل ،للعبث في أنفسنا لنرضي أمريكا ومن يتحالفون معها بناء على المصالح.
أمريكا يجب أن تدخل كتاب غينيتس في مجال التحالفات والإشاعات التي تتحول إلى حقائق إلى حين، والتحشيدات الدولية التي أنجزتها ضد قوى وهمية "أفغانستان الطينية والعراق "الخارج من حرب الثماني سنوات مع إيران وحرب الخليج الثانية والحصار الذي إستمر لأكثر من 13 عاما،واليوم نراها تنسج تحالفا خبيثا ضد داعش إستدرجت إليه دولا عربية من بينها الأردن، لمقاتلة داعش الخارج عن الإسلام والذي ينتمي لمجمع المخابرات الأمريكية والبريطانية والموساد الإسرائيلي.
السؤال الفاضح الذي يرمي بنفسه عنوة في أتون العبث الأمريكي الحالي هو:ما دام الخطر الداعشي يتهدد الأردن على وجه الخصوص،أين فعاليات وتجهيزات وخطط التحالف الخماسيني الوقائية لحماية الأردن من الخطر الداعشي؟
هذا التحالف الذي شاركت فيه نشمية إماراتية قادت طائرة عسكرية ودكت مواقع داعش في إهانة له لموقفه من المرأة ،كما شارك فيه أمير سعودي طيار تعبيرا عن الموقف الرسمي من هذا الداعش الداشع وفق الحسابات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية.
معروف أن أمريكا لا تبقي لها على أبناء ،ويبدو أنها قررت إلتهام أبنائها في المنطقة أو على الأقل إستنزافهم حتى النخاع ،بعد أن إستنفذتهم ،لكن إسرائيل ستلتهم أمريكا في النهاية،وهذا ما نستنتجه من التصريحات والتقارير الأمنية الأمريكية الأخيرة حول تجدد الخطر الداعشي ضد الأردن.
هذه التصريحات والتقارير ،تعد خرقا لكل أسس المنطق الذي يقول أن أمريكا التي تقود تحالف الخماسين ضد داعش ،كان يجب أن تدرس كافة الإحتمالات من أجل مباغتة داعش ،وسد الطرقات التي من الممكن له أن يسلكها للوصول إلى المداخل السهلة ،لكن وراء الأكمة ما وراءها ،ولذلك فإن تصريحات وتقارير الأجهزة الأمنية الأمريكية إنما تهدف للضغط على الأردن الرسمي لتوريطه في أمور أبعد من تحالف الخماسين.
ما يبثه المشهد الأمريكي المربك المرتبك ،يفيد أن أمريكا هي التي تعمق خطر داعش ضد الأردن ،ويبدو أن الأردن الرسمي تمنع في بعض المفاصل ،فشغلت أمريكا إسطونتها المشروخة بالحديث عن خطر داعش .
التصريحات والتقارير الأمنية الأمريكية الأخيرة ،عبارة عن رسالة مزدوجة الإتجاه ،فهي من جهة تريد بث الخوف في الداخل الأردني شعبويا ورسميا ،ألم نسمع عن تحذيرات من السفارة الأمريكية لرعاياها بعدم الإقتراب من المولات في العاصمة عمان؟ثم هل نسي الأردنيون ما نسب للسفيرة الأمريكية ويلز حول النسبة والتنسيب والتناسب الديمغرافي في الأردن؟
يبدو ان الهدف من تأسيس حلف الخماسين الأمريكي هو ليس إجتثاث داعش الداشع ،بل تثبيت لما هو منهار في المنطقة ،وتغيير لديمغرافيتها ، ويصب ذلك في مصلحة إسرائيل .
كما أجزم أن أمريكا ليست معنية ببقاء الأردن بنظامه السياسي الحالي ،بل تسعى لتنفيذ الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية التي ستلتهمها إسرائيل لا حقا ضمن ما يسمى كونفدرالية الأراضي المقدسة ليتم ترسيمها شرعيا ورسميا أنها السيد بلا منازع في المنطقة ،وهل من الضروري التذكير بتصريح لمسؤول فلسطيني كبير لم يذكر إسمه قال فيه قبل أيام أن الكونفدرالية الأردنية -الفلسطينية باتت جاهزة على الخرائط الدولية وسيتم الإعلان عنها قريبا جدا؟ ترى ألا نشتم رائحة داعش هنا؟