خطة عشرية لخلق ثقافة التميز في المدارس وتحسين أوضاع المعلمين
السفير الدكتور موفق العجلوني
29-09-2014 03:31 PM
في الحقيقة أشعر بالغيرة و بنفس الوقت «الغبطة» - على سياسة الصديق «القديم «معالي أمين عمان السيد عقل بلتاجي - عندما أرى دولاً عربية شقيقة تعطي أولى اهتماماتها إلى التعليم و المعلم - و التي هي أم المهن - و خلق ثقافة التميز و رسم خطة عشرية من اجل المحافظة على هذا التميز في التعليم ، حيث كان للمعلم الاردني السبق في تأسيس البنية التحتية في هذه المهنة المقدسة اذا جاز التعبير – في العديد من الدول العربية الشقيقة سواء في المشرق العربي او في المغرب العربي - من منطلق « قم للمعلم ووفه التبجيلا ، كاد المعلم ان يكون رسولا» .
و كما هو معروف ان اهم عاملين في تقدم الشعوب و رقيها هما التعليم و الصحة، فاذا كان لدينا مجتمع متعلم و يتمتع بثقافة التيمز و بصحة ممتازة ورعاية طبية متقدمة ، فان هذا المجتمع سيصل الى ارقى درجات التقدم والحضارة و يصبح مجتمعا مبدعاً و خلاقا .
وبالتالي لا بد من وضع خطة وطنية عشرية تتواءم مع الخطة العشرية التي رسمها جلالة الملك -حفظه الله- في الجانب الاقتصادي .و بالتالي اصبح من الضروي وضع هذه الخطة العشرية ، ويمكن الاستئناس بالخطة العشرية الاماراتية حيث انهى مركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية للتو مؤتمره الخامس حول التعليم و المعلم : خلق ثقافة التميز ، و اوصى بوضع خطة عشرية من اجل تطوير التعليم و تحسين وضع المعلم العلمي والاكاديمي و الاجتماعي والمالي ، وكان مبعث غبطتي حقيقة ان المركز ناقش في جلسته الثانية التجربة الاردنية في التعليم . و كان ابرز ما تمخض عن هذا المؤتمر الهام النتائج و التوصيات التالي:
ضرورة وضع خطة وطنية طويلة الأمد تمتد عشر سنوات بهدف تحسين وضع المعلمين ليتسنى زيادة نسب توطين هذه المهنة، باعتبارها إحدى القضايا الاستراتيجية .
تحسين رواتب المعلمين لتواكب الزيادة في تكاليف المعيشة وتوفير تأمين اجتماعي وصحي يلائم المهمة التي يقوم بها المعلمون والمعلمات.
أهم أسباب العزوف عن العمل في مهنة التدريس على الترتيب هي «عدم حب المهنة، وعدم مناسبة المهنة للاستعداد الشخصي، وقلة الدخل، وصعوبة المهنة، وقلة فرص الترقية، وقلة الحوافز، وعدم احترام المجتمع للمهنة، وتأثير الآخرين في الابتعاد عن المهنة، وصورة المعلم المهينة في وسائل الإعلام».
عدم تمتع مهنة التعليم بالمكانة الاجتماعية المرموقة مقارنة بالمهن الأخرى، وأن المستقبل الوظيفي للمعلم في المجتمع محدود، وصورة المعلم المهينة التي تعرضها وسائل الإعلام، وعدم تشجيع الأسر لأبنائها على الالتحاق بمهنة التعليم لكثرة متاعبها، وإهمال المعلم وعدم تكريمه أو الاعتراف بإنجازاته في المجتمع.
هناك أيضاً معوقات اقتصادية تتضمن تدني رواتب المعلمين، وعدم استطاعة المعلمين الوفاء بالالتزامات المادية والمعيشية لأسرهم، ومحدودية الترقية الوظيفية، وتوفر فرص عمل أفضل في القطاع الخاص .
عدم توفر نظام منصف للتقاعد وضعف الإمكانات المادية في المدارس مقارنة بمواقع العمل في المهن الأخرى.
تكليف المعلم بأعباء تدريسية وإدارية خارج نطاق مسؤولياته الرسمية دون مقابل مادي، وعدم وجود نظام واضح ومنصف لحوافز المعلمين، وقلة توافر الخدمات الاجتماعية والصحية للمعلم مقارنة بالمهن الأخرى».
الكثير من الطلبة لا يحترمون المعلمين، الذين تثقل كاهلهم كثرة الأعمال والأعباء اليومية، وأن المعلم بذل جهودا مضنية وشاقة مقارنة بالمهن الأخرى .
عدم وجود تشريعات تحمي المعلم، وصعوبة تتبع وملاحظة إنجازات المعلم بشكل فوري، وتغير أدوار المعلم بشكل مستمر ما يضيف أعباء متزايدة عليه .
كثرة الصراعات والمشكلات بين المعلمين والإداريين في المدارس، وعدم تقدير الإدارة المدرسية وأولياء الأمور جهود وإنجازات المعلم .
البيئة المدرسية بيئة محبطة وغير جاذبة وغير مشجعة على العمل، وحمل بعض الطلبة اتجاهات سلبية نحو مهنة التعليم ومن فيها، وعدم قبول كثير من الطلبة لسلطة المعلم ما يؤدي إلى وجود بعض المشكلات».
هذا و في ختام المؤتمر اشار الدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الى أهمية التعليم والدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة للمسيرة العلمية بالدولة بغية الوصول بدولة الإمارات العربية المتحدة إلى أعلى مصاف الدول الأكثر تقدما ورفاهية . و اشاد الدكتور السويدي بجهود المشاركين من أكاديميين وباحثين وخبراء ومناقشين، و أعرب عن عميق شكرِه وامتنانها؛ لما قدَّمتموه في هذا المؤتمر من جهد علمي مشهود على مدار يومين وأربع جلساتٍ كانت ثريَّة في النقاش والتفاعل والمشاركة، وأسهمت في بلورة العديد من الآراء والأفكار من خلال أوراق وبحوث علميَّة نوعيَّة، ورؤى استشرافية تشخيصية لمستقبل التعليم والمعلم؛ بهدف تطوير البِنَى الثقافيةِ والأساليبِ التعليمية المُتَّبَعَة و القادرة على استيعاب متطلبات القرن الحادي والعشرين في جميع المدارس ، وصولاً إلى بناء أجيال من المواطنين مشبَّعين بالمعرفة، وقادرين على إنتاجها، و الحرص الدؤوب والمخلص من جميع الباحثين الذين قدموا أوراقهم البحثية فيما يتعلق بتطوير الأسس والمرتكزاتِ التعليميةِ والتربويةِ وأداءِ المعلم، وفقاً لأفضل المعايير العلمية والتربوية المعاصرة، بهدف تحقيق استراتيجيَّة القيادة الاماراتية الحكيمة في مجال التقدم و الازدهار على أرض الواقع عام 2021، والتي تتعدى حدود دولة الامارات، لتصل إلى جميع شعوب دول «مجلس التعاون لدول الخليج العربية» والبلدان العربية وشعوب العالم كافة، وذلك تجسيداً للمبادئ والقيم الوطنيَّة النبيلة والأصيلة التي توارثها الابناء من الآباء.
لقد بات من الضروري ان تقوم كافة الجهات المعنية في المملكة و خاصة مراكز الدراسات و البحوث العلمية ، باعطاء التعليم الاهمية القسوى والعمل على تحسين وضع المعلم اكاديميا و علمياً و اجتماعياً وماليا ، حيث يلاحظ ان هناك تراجعا في التعليم بشكل عام و دور المعلم بشكل خاص مقارنة بدوره في الايام الخالية . و ما عبر عنه مركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية من نتائج هو واقع حال التعليم والمعلم في الاردن . و من هذا المنبر ادعو الى عقد مؤتمر وطني حول التعليم في مدارس المملكة و دور المعلم، تشارك فيه كافة الفعاليات الاكاديمية بحيث يكون مؤتمر «دافوس» حول التعليم و يمكن الاستفادة من مركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية في هذا المجال.
"الدستور"