غدا، تنتهي الدورة الاستثنائية للبرلمان، يذهب بعدها في إجازة تستمر شهرا. لم ينجز النواب الكثير في الدورة الاستثنائية؛ قانون استقلال القضاء أبرز تشريع أقره المجلس. لكن خلال "الاستثنائية" حدث تطور مهم، تمثل في دخول الأردن الحرب على تنظيم "داعش".
في الدورات الاستثنائية، لا يحق لمجلس النواب مناقشة قضايا غير مدرجة على جدول أعماله. لكن دخول الأردن الحرب كان تطورا مهما، ولم يكن مدرجا حتى على جدول أعمال الدولة من قبل.
لم يسأل أحد عن رأي مجلس الأمة، والنواب لم يكترثوا للأمر؛ كانوا مشغولين بالتنقيب عن الذهب في عجلون، والخروج بأقل الخسائر من "فضيحة" قانون التقاعد.
في ديمقراطية عريقة مثل بريطانيا، لم يتمكن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون من أن يرسل طائراته إلى العراق قبل أن ينال موافقة مجلس العموم البريطاني. وفي دولة ديمقراطية شرق أوسطية مثل تركيا، رهن رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، قراره بالتحرك ضد "داعش" بتصويت "مضمون" للبرلمان التركي في الثاني من الشهر المقبل.
في السجال الشعبي والسياسي الدائر حول مشاركة الأردن في الحرب، لم يرد ذكر للبرلمان. ما من أحد توقف وسأل عن موقف البرلمان، ولماذا لم تتم استشارته. يدلل ذلك بوضوح على مكانة مجلس النواب لدى الرأي العام الأردني.
لقد جاء قرار المشاركة في العمليات العسكرية في وقت كان فيه الشارع الأردني في قمة غضبه على النواب بسبب قانون التقاعد، وفي عز امتنانه للملك على موقفه برد القانون. وسبق هذا وذاك إقرار تعديل دستوري يربط المؤسسة العسكرية والأمنية بالملك مباشرة، بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة، كما أن الدستور يمنح الملك صلاحيات واسعة فيما يتعلق بإعلان قرار الحرب من عدمه. ولهذا، لم يدر في خلد الرأي العام السؤال عن موقف البرلمان حيال قضية مهمة وحساسة تتعلق بالأمن الوطني الأردني، والذي أصبح من وجهة نظر الأغلبية ملفا ملكيا بامتياز.
من الناحية السياسية، ربما كان من المناسب طرح الموضوع للتصويت في البرلمان، رغم شعبية المجلس المتدهورة. كان ذلك سيفيد على مستويات كثيرة. والأمر لا يحتاج أكثر من إرادة ملكية جديدة يضاف بموجبها بند على جدول أعمال الدورة الاستثنائية. أما نتيجة التصويت، فهي مضمونة لصالح قرار المشاركة، ليس لأن بإمكان أجهزة الدولة التأثير على إرادة النواب، كما حصل في مناسبات سابقة، بل لأن الأغلبية هذه المرة تقف بالفعل ضد "داعش"؛ إذ لم يعلن سوى ثمانية نواب عن معارضتهم دخول الأردن التحالف الدولي.
بالمناسبة، ليس البرلمان وحده من كان خارج الصورة؛ الحكومة أيضا كانت كذلك. إذ لم نطالع في قرارات مجلس الوزراء في الأسبوع الماضي ما يشير إلى موافقة الحكومة على الدخول في التحالف وشن غارات جوية على "داعش"، ولم نقرأ تصريحا واحدا لرئيس الوزراء د. عبدالله النسور، في هذا الشأن. النسور كان قد نفى قبل أسبوعين نية الأردن خوض "حروب الآخرين".
يبدو أن سوء فهم قد حصل؛ فهذه حربنا من دون شك، لكن لم يتسن للحكومة والبرلمان أن يعلما ذلك إلا متأخرين. حصل خير.
(الغد)