.. كنت وأنا اكتب مقال الثلاثاء: لننتبه هذا وطن الوحدة والحرية. وكأني أعرف أن سلاحنا الجوي سيضرب، فسوريا وطن، والعراق وطن كفلسطين، وجيشنا العربي ليس غريباً عن الجارين، فقد دخلهما مع قوات الحلفاء عام 1941 وعام 1935!
لقد وجدنا انفسنا ونحن في هذا الجو ننبه اناس الداخل: الذين يمشون على الحفة، والذين يمشون وسط الشارع، لأننا وصلنا مرحلة الفرز بين الاردني الحريص على امن بلده واستقراره، وبين لاعب السياسة الذي يبتز، او يناكف او يحب ان يرى جيشنا «يحارب» في احياء العاصمة او الزرقاء واربد كما تحارب الجيوش في غوطة دمشق والرمادي وتكريت.
وحتى لا نغيب عن الصورة، فقد قلنا اننا نادينا بسوريا الكبرى، وبالهلال الخصيب.. لأننا نؤمن بالوحدة والحرية. واذا وجدنا حربا ضروسا، وقتها على هذا النداء، فنحن نجد انفسنا بعد نصف قرن او يزيد ما نزال نرفع الراية: فنحن وطن الحرية والوحدة الباقي وما يزال مشروع النهضة قائماً!
داعش والنصرة والقاعدة؟
نحن نعرف انها وجود مختلق، وهي في احسن حالات حسن النية، ردٌ على فظائع القوى الدولية والاقليمية التي استباحت وطننا، لكن مقاومة هذه القوى لا تقوم على استباحة ديننا وعقائدنا واخلاقنا، واذا كان لهذه الكيانات الشوهاء ان تكون اللعبة المفضلة للقوى الدولية والاقليمية، وللديكتاتوريات وانظمة المذاهب والطوائف، فإن العاملين من اجل الامة يجب ان لا يقفوا خارج حدود اللعبة، فقد تعلمنا ان ترك العراق للولايات المتحدة ولايران لم ينتج الا كيانا هشا كان من السهل على داعش ان تطيح به وتستولي على ثلث العراق، وتعلمنا ان ترك سوريا معلقة بقرار اميركي، او تحت رحمة نظام مفرغ من داخله، ديكتاتوري، مذهبي، انتج ثلاث سنوات من الدمار وفقد تسعة ملايين نازح ولاجئ، وربع مليون قتيل واستيلاء عصابات داعش والنصرة على ربع سوريا.
وطالما اننا نتحدث عن سوريا الكبرى والهلال الخصيب فإن المفاضلة المرعبة بين سوريا الكبرى واسرائيل الكبرى ما يزال قائما، كما ان الهلال الخصيب الذي كان حاضنة للامبراطورية الاموية والعباسية، وميدان حشد لصلاح الدين الايوبي، اصبح الان هلالا فارسيا يتشدق فيه وزير الجيش الايراني بان: حدود الدولة تمتد من طهران الى بغداد ودمشق.. الى البحر المتوسط!
نحن في الاردن، كما ارادنا عبدالله المؤسس لسنا الان كما كنا: قوة الوحدة والحرية الى جانب قوى اخرى قائمة, فقد تداعت من حولنا القوى، وبقينا كما نبهنا: وطن الحرية والوحدة الباقي!!. ونملك شهية القتال ذاتها التي امتلكناها يوم قدمنا للثورة ميناء العقبة، وقوة الطفيلة وشهامة الكرك، والصخور والحويطات، فالاردن يستحق هذا المجد، وجيشه يستحق هذه الثقة، وشعبه واقف في الساح لا يغمض له جفن!
(الرأي)