ما زال المواطن الاردني يعيش قصة الف ليله وليله واحلام العصافير بان ارض عجلون وجبالها ما بين ليلة وضحاها انشقت واخرجت من بطونها من الذهب الدفين منذ الاف السنين ، لعل وعسى ان يحقق الاحلام والطموحات في الافراج عن همومه وحل كل مشاكل الوطن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وعجز الموازنة وسرقة الاموال من الفاسدين .

وما ان تم الاعلان عن حادثة ذهب عجلون الا وانطلقت الاشاعات والصور التي تبين اشكال التحف واموال هرقل والسيناريوهات المحتملة لكل العصور التاريخية التي عاشت وعبرت جبال عجلون وصور التماثيل التي ابرهت العالمين ، وما بين رواية من شاهد ( ما شفش حاجه ) وهسترية الاعلام الرسمي والمسؤولين الذين جاءت رواياتهم المتناقضة لتزيد الامر غموضاً وتعقيداً ، والتكهنات التي زادت النار بالهشيم للاشاعات التي رافقت الكنز ذو المليارات ، وان الاردن سوف تخرج من عزلتها الاقتصادية والتمنيات بالانتعاش بعد السنوات الصعبة العجاف .

والسؤال الذي يطرح بهذه المناسبة ما السبب الذي جعل المواطن الاردني بطبعه ان يميل الى حب الخرافه وتصديقها حتى الامور الحقيقيه يضيفون لها ما يعطيها بعد اسطوري ...ويضاف الى ذلك حبهم للتفسيرات الخرافيه للامور ليقنعوا انفسهم ان سبب قبولهم للاشاعات وتصديقها ليس انفسهم بل سبباً ميتافيزيقياً خارج حدود قدرتهم بالسيطره عليه .

ولماذا دوما الروايات الرسمية بالنفي في كثير من المشاهد والاحداث ، فما يعير الحكومة لو اعلنت فعلاً عن وجود كميات معينة من الذهب ، فهذه ليست هي المرة الاولى التي يتم العثور فيها على كنوز دفينة من الذهب في بلد عاش على ترابه كل الحضارات السابقة ، الا يعقل بان اثارهم من مدرج روماني والبتراء وجرش والقصور الاسلامية في الصحراء وغيرها الكثير من شواهد على وجود كنوز في باطن الارض الطاهرة حتى نحيك القصص والروايات المتناقضة ما بين حديث الوزراء المختصين او المسؤولين الرسميين .

كنت اتمنى من الحكومة وباعلامها الرسمي ان تصور المشهد الحقيقي للحادثة ، ولا اظنهم غفلوا عن ذلك لتوضيح الصورة للمواطن الذي دوماً مغيب عن الاحداث والعمل على تجهيله وكاننا ما زلنا نعيش في غياهب الجب وفي العصور الوسطى من صعوبة المعلومة والحصول عليها ، ومتى سوف يقتنع اي ناطق رسمي ان الانترنت وثورة التكنولوجيا ترسل لك الاخبار من بقاع الارض لترى الاحداث مباشرة .

ولذا فان الاجدى على حكومتنا في حادثة ذهب عجلون وهرقل ان تضع المواطن بالصورة الحقيقة لما حدث وتضع السيناريو الذي يتناسب مع طبيعة الموقف وبغض النظر يقتنع الغالبية ام لم يقتنعوا ، كما جرى في مناسبات سابقة لتساهم في زيادة الثقة ما بين الشعب والحكومة دون الحاجة الى بناء اشاعات وتصورات تزيد الموقف تعقيداً ، وخاصة ان هذا المشهد بكل غموضه تم باشراف الحكومة وهي على علم بكل الحيثيات المرتبطه به .

ونتمنى على مواطننا العزيز ان يستفيق من احلام العصافير والكف عن البحث عن الذهب فما بقي شبر من ارض الاردن الا تم الكشف عليه من اجهزة الكشف عن الذهب والا اي منطقة الا حفرت اثناء الليالي الداكنة ، لنعود الى الجد وبناء الذات وتحقيق الاحلام من جهد عرقنا وانجازاتنا .