قبل قرنين من الزمن كان من الصعب علينا ان نعرف صورة الاشياء قبل ان نراها.. والسبب اننا لم نكن قد توصلنا الى تكنولوجيا التصوير.. وهذا لا يعني ان بعض تقنيات الرسم والوصف لم تكن موجودة والا لما كنا قادرين على اعادة بناء النماذج لصور الاشخاص والاماكن قبل مئات وآلاف السنين.
المقارنة متعبة وجميلة وتمدنا بفرص التفكير والتأمل وازالة القدسية عن الكثير من الموضوعات المصورة.. الكثير منا يحتفظون بصور لهم في مراحل معينة من اعمارهم واماكن في العالم زاروها وبصحبة اشخاص احبوا او لم يحبوا.
اهمية هذه الصور انها مخزون مادي يدعم الذاكرة ويساعد على انثيالها لتروي خطواتها وهي تجاري الزمن وتساعدنا على انتشال البصمات التي ظننا اننا تركناها على جداره.
بعضنا يحب الماضي ويتحدث عنه كلما واجه معضلات الحاضر.. آخرون يكملون الصور بروايات لا تتعدى قصصاً يحكونها لانفسهم عن انفسهم بعضها خيال والاخرى تمنيات..
قبل ظهور الصور كان الشعراء والرواة يخلقون في ذواتهم ظلا لهم منهم.. فيخاطبون الظل ويبوحون له فيعبرون في الخلوة المفتعلة ومع الشريك الصامت عن كل ما يطيب لهم التعبير عنه؛ الحب، الكرم، الشجاعة، الحزن، الرثاء، اليأس وبعض القضايا التي كانوا يتناولونها.
احدهم يقول "يا بنت ما تخبري نوبه.. وانا واياكِ خلاويه... ما تخبري يوم حبيتك ... وايدي على الخصر ملويه" اظن ان صاحبنا ينقل صورة فوتوغرافية مع تعليق.. والاهم من ذلك انه اضاف ديناميكية او حياة ومعنى للصورة لا تظهره الكاميرات غير المتحركة.
آخرون تحدثوا بما يشبه الصور عن الاسد "واطلس عسال وما كان صاحبا .. دعوت بناري موهناً فأتاني"..
موضوع الفوتوغرافيا الاكثر شيوعا هم الناس وانجازاتهم ومناسباتهم... أما ان تكون الصور للاماكن والطبيعة؛ فهذا شيء يعتبره البعض تزيدا.. الفنان الفوتوغرافي سلمان المدانات امضى عاما كاملا وهو يرصد الحياة في محمية ضانا ليشركنا بروعة الضوء الذي يسطع وينحسر عن اللزاب .. والصخور وشقوق الاودية.. والبلابل، وحفر النحاس التوراتية، والزواحف التي تنقض على الجنادب، والقادمين من جنوب شرق اسيا لتأمل سحر الجنوب.
غدا وعند الثانية عشرة سأكون في ضانا لمشاركة الفنان الفوتوغرافي المدانات وزملائه الفنانين افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية التي تقدم لنا بانوراما الحياة والطبيعة والسياحة في المحمية الجنوبية.