اطلق معالي السيد جون كيري وزير الخارجية الاميركي مءخراً عدداً من التصرصات حول ما يدور في الشرق الاوسط , ومجمل هذه التصريحات تمحورت حول داعش و مدخلات داعش و مخرجات داعش , و قد اشار السيد كيري بأنه رغم تصميم الولايات المتحدة بالتعاون مع المعاضة السورية محاربة داعش ,الا أن العمل مع المعارضة السورية المسلحة لن تكون عملية خالية من المصاعب . وقال "لا نرى أي مستقبل للأسد في سورية"، مشيرا إلى أن المعارضة السورية لم تتوقف عن قتال الرئيس السوري في خضم حربها مع داعش . وقال إن الولايات المتحدة أجلت التدخل العسكري ضد داعش لأسباب عدة منها السعي لعدم التأثير على جهود تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. وأكد أن الدول العربية وتركيا داعمة بقوة للعملية العسكرية ضد داعش. وقال إن حوالي 40 دولة تشارك في العملية بأشكال ومساهمات مختلفة.
اقدر عاليا نشاط وحكمة و روية و عقلانية و سياسة و دبلوماسية و بعد نظر السيد جون كيري وزير الخارجية الاميركي و التي اكدت عليها مراراً و تكراراُ في عدد من مقالاتي الصحفية , و كنت اتمنى ان هذه الحكمة و العقلانية و الدبلوماسية و بعد النظر و قوة الشخصية تتوفر عند وزير خارجيتنا السيد ناصر جوده. من جهة اخرى فانني اضيف بيت من الشعر الى تصريح السيد جون كيري من حيث : اذا كان لا يرى مستقبلاً للرئيس السوري بشار الاسد ,فأنني لا لا ارى أيضاُ مستقبلاً للمعارضة السورية في ضوء الواقع الحالي للداخل السوري المعقد و الجوار العراقي الاكثر تعقيداً , و الجوار التركي صاحب التطلعات العثمانية , و جوار الاحتلال الاسرائيلي , علاوة على الموقف الروسي و الصيني .و لا ارى بارقة امل للاستقرار في كل من سوريا و العراق و فلسطين , لان كل ما يجري من نشاطات دبلوماسية و عمليات عسكرية هنا و هناك , لا تشكل ادنى متطلبات حلول الوسط , والامور تتعقد اكثر فأكثر , و لنا تجارب في هذا المجال من منظور الصراع الاسرائيلي الفلسطيني و توقف عملية السلام و الفراغ السياسي و الفوضى السياسية في المنطقة و التي تعود جذورها الى التسعينيات مع احتلال العراق و بداية الفوضى العارمة في المنطقة - و التي حذر منها في حينه المرحوم جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه , و يحذر منها يومياً جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله - حيث بدأ المجتمع العربي يحن الى ايام المرحوم الرئيس صدام حسين , واخشى ما اخشاه ان المجتمع السوري سوف يعود يتمنى الايام الاولى للرئيس بشار الاسد كما هو الحال في ليبيا , ورغم حال الليبين ابان فترة الرئيس معمر القذافي , فقد بدأ الناس نتيجة حالة الفوضى و الفراغ السياسي يترحمون عليه و يتمنوا ان ما جرى لم يجري , والعيش على مجرد رغيف الخبز ضمن اجواء الامن و الاستقرار يكفي الليبين .
لا شك ان الدول تجري وراء مصالحها , و ان المصالح الحيوية الاميريكية موجودة في المنطقة , وهذا هو السبب الرئيسي وراء اهتمام الولايات المتحدة في الصراع القائم , والولايات المتحدة كانت و لا زالت شريك رئيسي في الوضع القائم وما وصلت اليه المنطقة .و بالتالي الاستقرار في المنطقة هو من اولويات الولايات المتحدة حفاظاُ على مصالحها الاستراتيحية السياسية و الاقتصادية . و من خلال استشراف ما يجري في المنطقة و الكابوس الداعشي , فان المصالح الاميركية اخشى ان تكون في مهب الريح الى جانب الفوضى و الصراع الطائفي و الديني و العرقي و توقف عملية السلام الذي تعاني منه شعوب المنطقة و الذي يهدد مستقبل منطقة الشرق الاوسط برمتها .
في الوقت الذي كان على الولايات المتحدة الاميركية ايجاد الحل المقبول للصراع الاسرائيلي الفلسطيني والذي يشكل لب الصراع في الشرق الاوسط ,اصبحت القضية الفلسطينية بالنسبة للولايات المتحدة قضية ثانوية , الامر الذي زاد " الطين بله " و بدأت المنطقة تعاني من فراغ سياسي , و هذا الامر كان له انعكاسات سلبية على الاردن في تحمل نتائج ازمات المنطقة مروراُ بالقضية الفلسطينية و الازمتين العراقية و السورية , و بات الاردن في حالة غرفة العناية الحثيثة لازمات المنطقة , و اصبح لزاماُ على الاردن استقبال مختلف التخصصات و تجهيز "مختبرات طبية " بجاهزية كاملة وعلى مدار الساعة لمعالجة الحالات المستعصية لدول الجوار , و احياناُ يضطر الى استقبال حالات غريبة على المجتمع الاردني و ليس لدى الاردن امكانيات بمعالجتها , و كذلك عمليات اخلاء حالات وفاة ليس هو بالاصل معني بها . و ليس من العدل و الانصاف و السياسة و الدبلوماسية ان تكون الاردن غرفة العناية الحثيثة و منطقة اخلاء او اجلاء لدول المنطقة , فلدينا ما يكفينا على حدودنا و مخيماتنا وعلى المستوى الوطني حالات مستعصية ضاقت بها غرف العناية الحثيثة . لقد حان الوقت ان تنكف ايادي الشر و الظلام و الترويع والارهاب من منطلق عقائدي او مذهبي او طائفي او ديني و ان تعود الى صوابها و عقلها , وان تتولى كل دولة معالجة حالاتها بنفسها بما فيها الدول المجاورة و الولايات المتحدة الاميركية , وعليها هذه الدول اقامة غرف عناية حثيثة و" تجهيزات و لوازم و مختبرات و مستودعات " على اراضيها , وان تتوقف كل عمليات القتل و الترويع و ان تفتح المدارس و المعاهد و الجامعات و الاسواق التجارية , وان تعقد مؤتمرات وزراء الخارجية للنهوض بهذا العالم الشرق اوسطي لمناقشة عوامل الخير و التقدم و الازدهار , لا التخطيط للقيام بالاعمال العسكرية و القتل و الدمار, و خاصة في ضو اجماع العديد من الخبراء السياسين و العسكرين ان العمل العسكري لن يؤدي الى الحل , و خاصة ان هذا الشرق الاوسط يدر الخير على شعوبه وعلى شعوب العالم , وباعتقادي اذا استمر القتال و الصراع الطائفي و و التأمر على المنظقة والفراغ السياسي و تم تجويع وتشريد شعوب المنطقة , سوف يجوع و يتشرد الكثيرين في هذا العالم المترامي الاطراف و ربما لا يسلم احد من النتائج العكسية لا قدر الله .