لا نعرف كيف يقيس خبراؤنا في الاحصاء والتنمية عدد العاطلات عن العمل فالسيدة التي تعنى بخمسة اطفال في عين جنّا, وعمرها 27 سنة هي عملياً موظفة!! وهي موظفة في دائرة كبيرة جداً اسمها الاردن الوطن!! وهي موظفة ليست بحاجة الى سيرلنكية.. فغالباً ما تتكىء على اجمل علاقاتنا الاجتماعية.. أمها, او حماتها فعاطفة هذه الكنوز من الحنان هي خير حاضن للطفولة السعيدة!!
في السويد, تأخذ ام الطفلين راتباً من الحكومة. وحين قرر مجلس الوزراء اقتطاع ضريبة دخل منهن قامت المظاهرات, وتراجعت الحكومة عن الضريبة. فالامومة وظيفة اجتماعية رفيعة, ولا يصح ان نضعها خارج دائرة الانتاج فنسميها عاطلة عن العمل.
إننا نتمنى على الحكومات المنشغلة بهيكلة الجهاز الاداري ان تفكر بطريقة اخرى. فبدل رفع الراتب او زيادة العلاوة نقترح صرف راتب للزوجة ولكل طفل حتى الرابع. فبهذه الطريقة نصل الى مجتمع الكفاية والعدل. وقد تنبه الاداريون منذ نشوء الإمارة الى ذلك فكانت مخصصات الزوجة والاولاد في الجيش تعادل الراتب بدون «بدل ارزاق»!!
نتمنى على خبير الإحصاء والتنمية في اقرب عملية إحصاء عام, فتح خانة لسيدة البيت: الزوجة والأم وعدد الاطفال, وتحصيلها العلمي حتى نعرف من هي العاملة ومن هي العاطلة عن العمل.
ونتمنى على هذا الخبير ان ينسى انه يقرأ في الكتاب الاميركي او البريطاني او الالماني, وعليه ان يقرأ الكتاب الاردني في العملية الاحصائية والتنموية فنحن نختلف كليا, وبدل ان نتشاطر على النمو الاقتصادي بتقليص النمو السكاني, فإن الاجدى هو تحسين أدائنا الاقتصادي وزيادة الانتاجية وتنوعها وقيمتها المضافة.
فإن فرنسا تتفرد على كل دول اوروبا في حفاظها على عدد سكانها في حين ان المانيا وبريطانيا وجوارهما الاوروبي سيهبط عدد سكانها في نهاية القرن بعشرات الملايين. والسبب هو قانون وضعه العظيم ديغول, عظّم فيه علاوة العائلة فكنا نسمع في منتصف الستينات من القرن الماضي بان ما يحتاجه الفرنسي هو انجاب سبعة اطفال للعيش بكرامة دون ان يعمل!!
قد لا نشعر ونحن ندفع اربعة الاف دينار لاستيراد خادمة من الفلبين.. تبقى سنتين او تهرب بعد شهر, وان اربعمائة دولار راتبها يعني اربعة الاف دينار اخرى. ان الصبية التي تخرجت من مدرسة القرية لا تحصل على هذه المبالغ في سنة او سنتين.. حتى لو افتعلنا تأسيس مصنع ملابس في القرية لتوظيفها. فراتب الابنة لا يتجاوز الالفي دينار في العام!!
الامهات ليست قوى عاملة خارجة عن دائرة الانتاج الوطني. انها ليست عاطلة عن العمل إنها موظفة في اكبر واغنى وزارة او مصنع.. موظفة في الاردن!!
(الرأي)