الأمن المدني .. أمن استباقي ووقائي !!!
المهندس هاشم نايل المجالي
20-09-2014 02:05 PM
اننا نعيش ومنذ زمن في منطقة تسودها حالة عدم الاستقرار وتهديدات مختلفة وتدخلات ونزاعات ووجود جماعات متطرفة وان أمن الوطن وأمن المواطن وجهان لعملة واحدة يؤثر كل منهما في الآخر ويقع على كل طرف من اطراف المعادلة واجبات يتعين الوفاء والالتزام بها لصون وحماية الوطن والمجتمع .
ويحتل الأمن مكاناً بارزاً في المجتمع لاتصاله في الحياة اليومية وبما يوفره من طمأنينة للنفوس وسلامة وحرية التحرك والتصرف والتعامل كما يعتبر الامن نعمة من نعم الله عز وجل التي منّ بها على عباده المؤمنين قال تعالى (( فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )) ولقد ترددت كثيراً خلال الفترة الماضية والحالية كلمة الأمن في جميع انحاء العالم بسبب انتشار الارهاب واعمال العنف فنجد ان هناك الأمن النفسي المرتبط بالشعور والاحساس كذلك الأمن الغذائي المتعلق بأهمية توفير المواد الغذائية للمواطنين في كافة الظروف والأزمات بأنواعها والتدابير المتخذة بهذا الخصوص كذلك الأمن الاجتماعي والمتعلق بتوفير الطمأنينة للمواطنين من اعمال العنف والآفات المجتمعية او البلطجة كذلك الأمن الثقافي والفكري حيث ان هناك غزو فكري اياً كان نوعه موجه للشباب والمواطنين ذو ابعاد واهداف متعددة كذلك الأمن الاقتصادي وهو ثبات في الدخل والاستقرار المعيشي كذلك الأمن المائي ويتعلق بأهمية توفير المياه والارشاد باستعماله كثقافة مجتمعية من هذا كله نجد ان الأمن مسؤولية الجميع لقوله تعالى (( من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن احياها فكأنما أحيا الناس جميعاً )) وهو ما يعني اهمية التعاضد المجتمعي في مقاومة اي تهديد او عدوان سواء كان ذلك على فرد او جماعة أي ان الإحساس بالتماسك والتعاضد والانتماء لكافة ابناء المجتمع مع الجهات المعنية هو الدرع الوقائي لمواجهة ذلك فلكل واحد منهم واجب عليه القيام به لمحاربة الشر للتحرر من أي خوف او ابعاد الاذى والضرر الذي يلحق بالانسان او بالمصالح العامة .
الأمن حاجة اساسية للوطن والمواطنين كما هو ضرورة من ضروريات استقرار وبناء المجتمع ومرتكز اساسي من مرتكزات بناء الحضارة فلا امن بلا استقرار ولا حضارة ونمو وتطور بلا امن ولا يتحقق الأمن الا في الحالة التي يكون فيها العقل الفردي والحس الجماعي خالياً من اي شعور بالتهديد للسلامة والاستقرار اذ لا بد من وجود استراتيجية وطنية ونظرة مستقبلية لتفعيل كافة الجهود من قبل المؤسسات الامنية والمعنية لتقديم دورها الاجتماعي واظهاره بين افراد المجتمع حتى يستطيعون ان يقدموا تعاونهم ودعمهم لكافة الاجهزة الامنية للوقاية من الآفات المجتمعية وكل ما من شأنه الاخلال بالامن ولتحقيق مفهوم الامن الشامل .
وبما ان افراد المجتمع ومؤسساته تقع عليهم مسؤولية المشاركة والتعاون مع تلك المؤسسات الامنية وفق برامج وخطط مدروسة فان من الواجب عليهم حماية أمن المجتمع بصورة مباشرة او غير مباشرة خاصة في ظل وجود تنظيمات متعددة ومتطرفة وفي ظل وجود تجار المخدرات بانواعها بالاضافة الى العديد من الآفات المجتمعية الغير أخلاقية وانتشار البلطجة كما ويعتبر ذلك واجباً وطنياً عليهم أقره ديننا وكافة النظم والاعراف والقيم والمباديء الوطنية للخروج عن النطاق التقليدي الى النطاق التنظيمي الداخلي لرفع مستوى العلاقة المجتمعية مع كافة الاجهزة الامنية وتحسينها لزيادة ذلك التعاون وتبقى الشرطة المجتمعية حالياً هي الوسيط التفاعلي والتواصلي بين الشرطة والمجتمع والتي تهدف لخلق التعاون الوثيق بين رجال الامن وابناء المجتمع بأطيافه ورجاله اصحاب الفكر والثقافة والمربين وهيئات المجتمع جمعيات واندية ومراكز ثقافية بهدف خلق حالة ثقافية توعوية لأهمية الأمن المجتمعي وتعتبر الشرطة المجتمعية من المفاهيم الحديثة التي تعمل الدول المتحضرة والمتقدمة على ترسيخها وتطبيقها لما لها من اثر وتأثير نفسي واجتماعي يسهم بصورة مباشرة في الحفاظ على مكتسبات الأمن واستقراره وتعزيز فكرة الامن الاستباقي والوقائي لمكافحة العديد من الظواهر والمشكلات التي تقلق راحة المجتمع ولخلق بيئة آمنة وليكون الشعار هو ( سلامتك وراحتك هدفنا ) برنامج يتم من خلاله وضع استراتيجية تشمل كافة البرامج والانشطة التوعوية وليكون دعم هذه الاستراتيجية تحت مظلة المسؤولية الاجتماعية كونها تخدم ايضاً اصحاب الشركات والمصانع والمصالح وبدعم حكومي ومن منظمات دولية تكافح سياسات التطرف والارهاب ولادارة الازمات دور كبير في المشاركة لاعداد هذه الاستراتيجية .
ومفهوم الشرطة المجتمعية يعتبر من الاستراتيجيات بعيدة المدى لرفع مستوى رضا المواطنين على كل ما يقدم لها من خدمات لتحقيق الامن والاستقرار المجتمعي والحد من انحراف الاحداث وتحصينهم من السلوك المنحرف وزيادة التقارب والتعاون مع الاجهزة الامنية وحل المشكلات قبل تفاقمها ونشر الوعي المجتمعي وتحقيق الامن الاسري .
ويعد البحث العلمي في هذا الشأن من أهم ركائز العمل الامني لكونه يمثل القناة الرئيسية التي تمكن اصحاب القرار من التعرف على الواقع الحقيقي للمجتمع ومن اجل التخطيط للمستقبل وفق اسس علمية تأخذ بعين الاعتبار كافة المعطيات ذات الصلة بموضوع ومضمون القرار الأمني كما وان ايجاد وتفعيل مراكز بحوث ودراسات متخصصة تضم متقاعدين عسكريين اصحاب خبرة ومعرفة ودراية قد اصبح من مقتضيات الضرورة الامنية والوطنية باعتبارها الآلية الامثل لايصال المعرفة المتخصصة الى كافة الاطراف العاملة داخل المجتمع مواطنين ورجال أمن من خلال الندوات والارشادات وبرامج التوعية ورفع الحس الأمني لدى الشباب والمواطنين وتضاعف الوعي المعرفي المجتمعي لدى الجميع ولتفعيل دور المنظمات الغير حكومية لتساعد على الربط بين الوقائع الميدانية واطارها العلمي النظري التوعوي ولارساء الثوابت الامنية لاستقرار المجتمع وتحديد آفات المجتمع وعناصر جرائم المجتمع والتعرف على مسبباتها الحقيقية للحد من وقوعها وتكرارها وانتشارها في المستقبل .
كما وان لادارة الازمات دور كبير في اعداد استراتيجية خاصة بدورات للشباب في جميع المحافظات حول مواجهة كافة انواع الازمات والكوارث من حرائق وزلازل وفيضانات وغيرها وآلية التعاون مع كافة الاجهزة المعنية واعداد مراكز بالجمعيات والاندية تعنى بهذا الجانب وتأمين بعض التجهيزات الاساسية من وحدات انارة طواريء ومضخات سحب المياه واحذية مقاومة للحرائق واسعافات اولية وملابس متخصصة للحرائق وغيرها خاصة ان هناك مخصصات مالية متوفرة من منظمات دولية تودع في ميزانية وزارة التخطيط لهذه الغاية لكنها لا تستغل لخدمة هذه البرامج المجتمعية بينما في دول مجاورة تستغل بشكل كامل من اجل ذلك .
كذلك اكساب الكوادر واللجان المجتمعية اساليب التعامل والتحلي بالصبر واحترام الاخرين واجراء التمرينات الوهمية للاخلاء والانقاذ ومواجهة التخريب المتعمد ومنع الاطفال من اللعب بالاماكن المعرضة للخطر وآلية التبليغ عن الحوادث والمشكلات المختلفة وكيفية التعامل معها بشكل علمي وتقني لحين تولي الاجهزة المعنية مسؤولياتها كذلك انشاء بنك معلومات لدى اللجان عن اصحاب المرافق والخدمات العامة مثل اصحاب الافران والسوبرماركتات ومحلات اسطوانات الغاز وغيرها .
لذلك فمن الاهمية استثمار رجال الأمن العام ورجال الدفاع المدني المتقاعدين في تنفيذ هذه الاستراتيجية الوطنية لتشمل جميع محافظات المملكة ولتساهم كافة الشركات والمصانع في دعم هذه البرامج بالاضافة الى الدعم الحكومي المخصص لذلك قال تعالى " الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون " صدق الله العظيم .