facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




.. إلى المدينة


محمد رفيع
10-03-2007 02:00 AM

قد تموت المدن وهي واقفة. ولا تحتاج لأن تشيخ، كي تمارس موتها المعلن. فحين يموت معنى المدينة، تتحول إلى مستودع للبشر. وتموت الوجوه والصداقات. او تتخفى، وينفرط عقد عظيم. هو المدينة في ذاتها.بالمدينة يُستدرج البشر للبوح، والجهر، بأقصى ما فيهم. وبالصداقات الوارفة، يفرح الضد بالضد، وتحتفي الفكرة بالفكرة. ويزهو الاختلاف بالاختلاف. حينها، تستدرج المدينة غرباءَها وساكينها، الى مغامرات الخصب والضجيج المتقن. كرَمٌ نهاري، وليلي، بلا حدود تمارسه المدينة، حين تحيا. سجالات صيف، وجدل شتاء، نحو الينابيع، تدفعها العروق الضاجة بالحياة.

لا ذهول في عيون الرجال. ولا دموع في مآقي الصبايا. ولا خفة في قصص العاشقين. فالمدينة تُشرع فنّها الخفيّ باتقان. فتستدرج اختلاف البشر، لا خلافهم. فالأصل ان يختلفوا. لانهم بشر. وبالاختلاف يجري التعارف والتعرف. وحينها، ترشح المدينة أسرارها: صداقات مختلفين، وأفراح متنوعين.

في مدينة عربية، هناك نقش حجري لغزال يمد ساقيه إلى نهرها. نقش صنعه عربي قبل سبعمئة عام. ساقا الغزال معيار لمنسوب النهر. فان لامستهما المياه، دارت طواحين المدينة، فيعرف الناس ان الطواحين تنادي قمحهم.

المدينة لا تورّث صداقاتها. والصداقات لا تترك سلالات مدينية، كالقبائل. فنقش الغزال يطمره جدار. والجدار يغمره تراب (كما تقول مهندسة عربية تقيم في ستوكهولم). فيختفي عندها نهر المدينة، وسرها أيضاً..!!.

الوجوه المقطبة، كالكتب المقطبة، تنتمي إلى شيء آخر غير المدينة. وحين تمتلئ المدينة بهؤلاء، تصير مهجراً دائماً، أو مقهراً أبدياً. في رحلة موت طويل، اختاره ساكنوها قضاء، بمحض عجزهم عن تحقيق شروط الاجتماع البشري، لا قدراً.

اسطنبول. أكثر المدن جدلاً وتنوعاً. فتحها السلطان قبل أكثر من خمسمئة عام. فمنحه مسلموه العثمانيون لقب الفاتح. فحوّل كنيستها آيا صوفيا إلى مسجد. وبدّل اسمها القسطنطينية إلى إسلامبول، أي مستودع الإسلام. خذلته المدينة. فلم ينتشر الاسم الذي اختراه لها. واختارت المدينة شهرتها:الاستانة او اسطنبول بعضا من اسمائها.

والاستانة لفظة فارسية، تعني العتبة المقدسة، عبرت بها المدينة خمسة قرون من عمرها. وأما اسطنبول، فلفظة اغريقية، اطلقها اليونانيون عليها. ومعناها إلى المدينة. وبها عبرت، وما تزال، عمرها الأبقى إلى الحياة. أما معبد حكمتها الوثني، الذي صار كنيسة، ثم مسجداً، فقد تحول إلى متحف. وعلى الزائرين أن يختاروا من أسقفها، من يرتأونه قديساً أو شفيعاً او مكرماً. ومن يتبرم، فليس له سوى انتظار أجنحة تخفق على قمم موحشة..!!.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :