سياسات التكتم وتكتيكات "الكومستير " الى متى ؟
19-09-2014 12:50 PM
..هو فيه حد النهاردة بيفتكر .....
ربما ان الناس يتذكرون الكثير من الاغاني والالحان والموسيقى اكثر مما يتذكرون النظريات ومباديء السياسة والاقتصاد والاجتماع التي شكلت نظرتنا للعالم وحددت استجاباتنا لتحدياته.
معظمنا يتذكر اغاني عبد الوهاب وعبدالحليم ووردة وغيرهم من الراحلين وندندن الحانها ولو في خلواتنا مع انفسنا او بمصاحبة الموسيقى التي نسمعها ونحن خلف مقود السيارة في طريقنا لمراسم الفرح او حتى العزاء.
في التاريخ البشري هناك من قال اشياء اهم من "عندما ياتي المساء"...و "ما خطرتش على بالك يوم" او "وحشتوني"...و "يا خلي الألب"....فقد تحدث ابن خلدون عن معادلة السكان والموارد...واهمية التوازن بينهما لتشكل الحضارة والخروج من البداوة...الراهب الانجليزي توماس مالثوس قدم نظرية متكاملة حول السكان والتنمية والامراض الاجتماعية قبل دخول البشرية للقرن التاسع عشر بعامين.
لقد رأى مالثوس ان هناك علاقة قوية بين السكان والغذاء ..فالغذاء والسكان يتزايدان لكن الناس يتزايدون بمتوالية هندسية (2 ,4 ,8, 16, 32 , 64 ) في حين ان الغذاء يتزايد بمتوالية حسابية ( 1, 2 ,3, 4, 5, 6) مما يؤدي مع الزمن الى اتساع الهوة بين الغذاء والسكان...وتنامي مشاكل الجوع والفقر والمرض والجريمة وانهيار منظومة الاخلاق.
ويستطرد الراهب العالم بقوله ان قلة الغذاء تؤدي الى احتدام التنافس وان من لا يجد خبزا سيفقد مكانه حتما بين الاحياء بطريقة او اخرى. لذا ولتجاوز الاثار التي حذر منها الراهب التنموي فقد رأى ان على الساسة ان يختاروا بين تطوير مصادر الغذاء او الحد من الزيادة السكانية. هذا و بالرغم من تلاشي بريق النظرية التي اشغلت العالم لاكثر من قرن من الزمن الا اننا نعود لها اليوم في بلدنا لنذكر ولاة الامر ان الوضع خطير للغاية.
لقد كان مالثوس مندهشا من الزيادة السكانية التي تؤدي الى مضاعفة السكان في 40 عاما او 25 عام في اكثر حالات النمو السكاني حسب الحسابات التي اجراها...في الاردن اليوم يصل النمو الى اكثر من 15% سنويا مما قد يضاعف عدد السكان كل 7 سنوات ان بقيت الامور على ماهي عليه وقد تكون الزيادة اكثر من ذلك بكثير.
في بلدنا شحا في الخبز ,و الماء, والطاقة, و فرص العمل, و الدخل , و السكن, وفي الشوارع. وخدمات التعليم والصحة والترفيه...وقد ادخلنا الاكتظاظ السكاني في حالة من التنافس التي ادت لكل ما تحدث عنه مالثوس من عوز وفقر وجوع ومرض وجريمة وتحلل في القيم ...وحالة من الخوف على المستقبل ومن المستقبل وتدني مستوى الثقة بصناع القرار وحرصهم على ادامة الحياة الكريمة لمن وثقوا بهم.
لا بد ان نقرأ التاريخ...فمن غير المعقول لاكثر بلدان العالم فقرا في المياه ان تستقبل نصف مجموع سكانها في عامين دون ان تطور مصادر المياه...او تزيد من دخلها القومي بنسبة لا تقل عن 50%...وان توفر لابنائها حياة كريمة تليق بكرامتهم.....
الدول الاغنى في المنطقة تغامر في اعادة تشكيل الاقليم لكنها تقوم بذلك دون ان ننجح في اقناعها بتحمل الاعباء المترتبة على فعلتها سواء كانت في العراق او سوريا او فلسطين. المطلوب دبلوماسية غير التي نتبعها و اسلوب تخطيط غير الذي نقوم به. وحساب لتكلفة اللجوء غير الذي يقوم به تجار البقالات في الاحياء الفقيرة بل حساب للاثر على تدهور نوعية حياة الناس الذين يطالبون بالمياه والطرق وشبكات المجاري وفرص العمل.
ما تم تناقله على لسان السفيرة الامريكية حول تضاؤل نسبة الاردنيين الى السكان مفزع للغاية ولا بد من ان توضح الدولة سياساتها.....سياسات التكتم وتكتيكات الكمستير في مثل هذه المسائل خطيرة ولها تداعيات اخطر على مستقبل الامة ووجودها.