إدارة الموازنة كما يراها الصندوق
د. فهد الفانك
17-09-2014 03:38 AM
بعثة صندوق النقد الدولي التي تزور الأردن بشكل دوري لتقيـّم الإداء الاقتصادي لا تضغط على الحكومة ولا تتوقع الكثير منها، فالمطالب متواضعة، وأي تحرك في الاتجاه الصحيح، مهما كان صغيراً، يمكن أن يرضي الصندوق فيكرر شهادته المعتادة من أن برنامج التصحيح الاقتصادي يسير في الاتجاه الصحيح بشكل عام.
بقدر ما يتعلق الامر بهذه السنة (2014) يقترح الصندوق هدفاً متواضعاً هو أن تعمل وزارة المالية على زيادة الإيرادات العامة بما يعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي، أي حوالي 250 مليون دينار. وهذا ما فعلته الحكومة عن طريق زيادة بعض الرسوم والضرائب على الإقامات وأذون العمل والدخان والمشروبات.
وكان المقصود أن تأتي زيادة الإيرادات من تعديل قانون ضريبة الدخل وتخفيض الإعفاءات، ولكن يبقى من حق الحكومة أن تختار الوسائل التي تحقق الهدف المالي.
لأمر ما يركز مفتشو الصندوق اهتمامهم على جانب الإيرادات في الموازنة العامة ولا يكـادون يقولون شيئاً عن جانب النفقات، مع أن الحكومة تستطيع، ويجب أن تخفض إنفاقها بأكثر من 1% من الناتج المحلي الإجمالي.
مشكلة الموازنة العامة لا تعود لكون الإيرادات المحلية منخفضة، بل إلى كون النفقات الجارية مرتفعة، مما يولد عجزأً كبيرأً ومثيراً للقلق ينعكس بشكل زيادة كبيرة في الدين العام ليس فقط بالأرقام المطلقة بل أيضاً كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
يزيد الطين بله أن المشكلة الحقيقية تتمثل بإنتاج وتوزيع الكهرباء، ذلك أن الشركة الوطنية للكهرباء سوف تخسر هذه السنة 6ر1 مليار دينار بسبب ارتفاع الكلفة وخاصة بعد انقطاع الغاز المصري وعدم إمكانية رفع التعرفة بشكل حاد لتمكين الشركة من استرداد الكلفة.
هذه المشكلة تترجم نفسها بارتفاع حاد في المديونية، ذلك أن الشركة تقترض بكفالة الحكومة لتغطية الخسائر وبذلك يكون العجز الحقيقي في موازنة الدولة الكلية في حدود 7ر2 مليار دينار، 60% منها عائدة للكهرباء، و40% للموازنة العادية التي لا تشمل دعم الكهرباء والمياه.
إذا كان الصندوق متساهلاً لاعتبارات سياسية فإن الحكومة الأردنية يجب أن تكون متشددة أكثر من الصندوق لأنها أحرص منه على سلامة المركز المالي للمملكة.
(الرأي)