ملاحظات حول المشروع الوطني
د.رحيل الغرايبة
17-09-2014 03:24 AM
المبادرة الأردنية للبناء جعلت مضغتها « المشروع الوطني» ولذلك تهدف إلى الاسهام مع كل الجهود المخلصة المبذولة على صعيد بناء القاعدة الوطنية الكبيرة القادرة على احتضان مشروع الاصلاح الوطني الذي يهدف إلى إيجاد الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، ذات المرجعية القيمية الحضارية العليا، التي تحظى بالاحترام والتوافق من كل مكونات الشعب الأردني، وفي هذا السياق ينبغي توضيح بعض الملاحظات في ظل حملة اللغط الكبيرة وما رافقها من إثارة وتضليل إعلامي.
المشروع الوطني هو مشروع الشعب الأردني كله، ومشروع الدولة الأردنية بكل مؤسساتها، وهو يخص كل من يؤمن بهذا المشروع، وكل من يعنيه استقرار الدولة وازدهارها وقوتها، وإصلاح الخلل في كل مستوياتها، بغض النظر عن العرق أو الأصل أو الفصل أو الدين أو المذهب، فهذا المشروع لا يخص شريحة او جزء من الشعب، ولذلك يجب وضع حد للتضليل القائم حول كلمة وطني أو أردني، لأن الإصلاح الحقيقي، القائم على رؤية صحيحة وفهم صحيح وتنفيذ صحيح يعد مصلحة حقيقية لكل مواطن يقيم على التراب الأردني ولا يجوز ربط المشروع الوطني بتفكير جهوي أو إقليمي.
المسألة الثانية ينبغي أن يتم العلم اليقيني بأن مشروع الإصلاح الوطني الأردني ليس نقيضاً لأي مشروع عربي كبير أو إسلامي عام، بل أن مشروع الإصلاح الوطني لا يتعارض مع كل الأفكار الجميلة على جميع المستويات المحلية والإقليمية، وعلى صعيد الأمة جميعها، وينبغي أن نعلم أن كل الأحزاب والجماعات، تملك مشروعها الوطني الخاص في كل قطر عربي، ولا ينظر إلى هذه المشاريع مهما كانت هويتها وأفكارها من حيث المحلية والعالمية بأنها محل تهمة بالإقليمية أو العصبية، أو الخندقة، والأردن والشعب الأردني ليست استثناءً من هذه الحالة، مع ايماننا المطلق وقناعتنا الراسخة بضرورة السعي والعمل على مشروع الوحدة العربية، ومشروع التكامل الإسلامي، وليس هناك على الأرض الأردنية من لا يملك مشاعر وتوجهات حقيقية صادقة تجاه أمته العربية والإسلامية، بل إننا نشعر وبكل فخر أن الشعب الأردني سبّاق في هذا المجال ولا يستطيع أحد أن يزاود عليه في ذلك .
أما الملاحظة الأخرى فهي تخص العلاقة الملتبسة مع الحركة الإسلامية، وفي هذا السياق يجب التأكيد بكل وضوح أن المبادرة الأردنية للبناء «زمزم» طرحت نفسها مبادرة وطنية عامة كما أسلفنا ولم تطرح شعار إصلاح الحركة الإسلامية ولم تطرح أيضاً أي شعار يتعلق بمناكفتها على الإطلاق، ولم تطالب أحداً بالاستقالة أو غير ذلك من سقوف،
كما حدث في بعض مؤتمراتها الداخلية، ولذلك سوف تبقى المبادرة في هذا الإطار الوطني الواسع المعلن، رغم كل المحاولات الجارية لجرّها لمربع الخلاف والخصومة، وهي ماضية في أنشطتها وبرامجها، ذات الصبغة الوطنية العامة.
المبادرة تفتح ذراعيها لكل متعاون في هذه المساحة المشتركة وتبذل جهدها في ميدان استقطاب الطاقات الوطنية من أجل المشاركة في إنضاج صيغ العمل، ومحاولة انجاح عدد من المبادرات على صعيد الإسكان العمراني، وعلى الصعيد الزراعي والبيئي، وعلى الصعيد الفكري والثقافي، وعلى الصعيد التربوي والتعليمي وعلى الصعيد الشبابي والاجتماعي، بالإضافة إلى الصعيد السياسي والقانوني، ونحن نرحب بكل الأفكار والاقتراحات النظرية والعملية من أجل أن نفكر معاً وأن نعمل معاً وأن ننظر نحو المستقبل.
المبادرة تحاول تسليط الضوء على كثير من الملفات الساخنة من خلال الحوار مع كل الأطراف المعنية ومع كل أصحاب القرار، ومع كل أصحاب الفكر والرأي، دون أي تصنيف أو مواقف مسبقة، من أجل الإسهام في تقريب وجهات النظر، وتعظيم المشتركات والجوامع الوطنية الكبيرة والعديدة، والإسهام في ردم الهوة والفجوة بين الأطراف الفاعلة على الساحة الأردنية والجلوس على طاولة الحوار الهادىء المسؤول بغض النظر عن درجة الاختلاف والتباين في المواقف والسياسات، على طريق العزم والاصرار على النجاح في بناء الأردن الديمقراطي الآمن المزدهر، القوي بإنسانه والقوي بشعبه، حتى نجنب الأردن الانزلاق نحو العنف والفوضى، ونحمي أبناءنا من حمى التطرف والأفكار الهدامة، وهذا لا يتم إلّا من خلال الاتفاق الجمعي على الثوابت الوطنية العليا، التي لا تحتمل الخلاف ولا تحتمل المماطلة أو المداهنة أو التساهل.
(الدستور)