الاستثمار في التعليم يبدأ من المعلم ..
كابتن اسامة شقمان
16-09-2014 04:57 PM
قراءة سريعة للواقع التربوي تبين لنا ان لدينا مليون و800 الف طالب ونحو 5670 مدرسة منها 3650 مدرسة حكومية و 130 ألف معلم ومعلمة، اما نسبة النجاح في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة للعام الحالي فبلغت 40.2% ، وهناك 342 مدرسة حكومية لم ينجح بها أحد ما أدى الى كشف حجم الضعف الموجود في مدارسنا المسؤولة عنها وزارة التربية والتعليم.
ان هذا الضعف في المستوى التعليمي يعكس الخلل الواضح في العملية التربوية والذي يتمثل في عدم وجود ميزانية كافية تسهم في الارتقاء باركان هذه العملية ومنها المعلم وتوفير البنية التحتية المناسبة، وهذا الخلل يتطلب وضع أولوية قصوى في الموازنة العامة للدولة من اجل تطويرالتعليم الذي تنهض بها البلدان.
أن مخصصات وزارة التربية والتعليم والقطاع الخاص في الوقت الحالي غير كافية لإنتاج جيل قادر على التعامل مع تطورات ومستجدات العصر، نحن بحاجة ماسة الى زيادة حجم الانفاق لرفع مستوى المعلم والتعليم وتحسين البيئة المدرسية في القطاع الحكومي والخاص, وذلك عن طريق تدريب وتأهيل المعلمين والإستثمار في التوظيف الأمثل عن طريق زيادة تحصيل المعلم المعرفي لضمان الجودة في طريقها للتعليم من خلال عمليات ااستثمار في المعلم بهدف رفع الكفاءة ورفع القدرة الإنتاجية للمعلم.
كما ان مطالب المعلمين في إضرابهم الذي انتهى قبل ايام والمتمثلة في تعديل نظام الخدمة المدنية, ونظام التأمين الصحي, واصدار تشريعات رادعة بحق الاعتداءات المتكررةعلى المعلمين, واقرارعلاوة “الطبشورة”, بالاضافة الى ميزانية حكومية مخصصة للتعليم تبلغ 6.5 في المائة من إجمالي الإنفاق الحكومي لقطاع التعليم لا تكفي في تحسين نوعيها للتعليم في الاردن والارتقاء به في ظل تسارع حمى المنافسة على مستوى الاقليم والعالم للتميّز العلمي الحاصل بين شعوب وحضارت العالم والمغيب الوحيد عن هذه المنافسه هي الشعوب العربية.
ان تحسين هذا الواقع يجب ان يرتبط بمفهوم الاستثمار في المعلم والتعليم بمفهوم التنمية الاجتماعيه الشاملة, فالتنمية الاجتماعيه الشاملة عملية ثقافية تهدف إلى تحسين طريقة العمل والفكر داخل المجتمع من خلال نوعية التحصيل المعرفي للمعلم من خلال تحسين قدرة المعلم والطالب في التعامل مع العلم والمعرفة وتقنيات العصر،فالتعليم هو المحور الأساسي للتنمية الاجتماعية للشعوب من اجل النهوض الحضاري للمجتمع والدولة ،وهكذا تنظر العديد من دول العالم إلى قضايا الإستثمار في التعليم من خلال المعلم والطالب بشكل مستمر وتعمل بكامل قواها في هذا القطاع الذي يضمن استمرار عملية البناء والتطوير في اقتصاديات الدول.
وهناك الكثير من الدول التي من الممكن ان نستشهد بتجربتها في هذا الميدان ومنها اليابان وألمانيا، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اتجهت كل من الدولتين الى الإستثمار في التعليم من خلال المعلم والطالب وقامت بزيادة حصة قطاع التعليم في ميزانية الدولة وهذا يدل على جدية الحكومة في النهوض بالمجتمع بشكل عام, مما ادى الى انتاج جيل جديد من مخرجات التعليم حيث اصبحت هي الرافعة الحقيقية في زيادة انتاجية المجتمع الياباني والالماني بشكل عام, تأكيد لهذه الحقيقة التي لا جدال فيها هو أن هذا المنتج الياباني والالماني صار اليوم وبعد مرور أكثر من نصف قرن على انتهاء الحرب العالمية يحتل المركز الاول في كافة احتياجات الأسواق العالمية واصبح الخيار الاول لدى خيارات المستهلك أينما وجد بفضل جودته ومتانته، وأدى الى ايجاد مجتمع متفرد ومنتج له بصمة واضحة على مستوى العالم ككل ومتميز في قدرته الفذه على الخلق والابتكار والإضافة.
إن الارتقاء بالمستوى التعليمي للمعلم والطالب في الاردن سوف يكون بداية الطريق في اصلاح الخلل الاجتماعي الحالي, وهذا لا يمكن تقديره بأي ثمن, كما يمكن النظر إلى عوائد التعليم من جانبين الاول اقتصادي وأخر اجتماعي يسهم في الارتقاء في تنظيم الحياة بين أفراد المجتمع, بحيث تكون العادات السليمة هي السائدة في التعامل بينهم جميعا وفي احترام الأنظمة والقوانين،عدا انها تسهم في القضاءعلى الجهل وعلى الاعتقادات الخاطئة للمجتمع وتخفيض معدلات الجريمة وتحفظ أمن المجتمع في القضاء على الأفكارالضالة التي تهدم أمنه واستقراره..