أدخل جلالة الملك السعاده ليلة أمس على قلوب كل المخلصين لهذا البلد، وعلى قلوب كل الحريصين على أن ﻻ تدفع الدولة ثمناً لأي قرار أو تشريع ينقض أي إنجاز مضى أو يبعثر حالة الثقة بين الأردنيين ودولتهم عندما رد جلالته مشروع قانون التقاعد المدني الذي أقره مجلس الأمة قبل أيام.
وكما أشرت في مقال الأمس فإن الأمر ليس نكاية بأعضاء مجلس الأمة بل حماية للدولة من أن تدفع ثمناً من خلال بناء قناعات سلبية لدى الناس، أو إضعاف صورة ومكانة المؤسسات الدستورية من مجلس نواب وأعيان وحكومة، فأي إصلاح ممكن أو تعزيز الثقة في ظل قناعة الناس بأن النواب والأعيان يشرعون إمتيازات لهم بعدما كانت الحكومة عام 2010 قد أزالتها بتوجيهات واضحة من الملك.
هو الملك الذي يمثل الناس، وهو القائد الذي يحمي الدولة ومؤسساتها من تأثيرات أي قرارات أو تشريعات غير مناسبة، وهو الملك الذي يعيد الأمور إلى نصابها ويعدل المسار، ويتخذ المسار الذي يجنب الدولة أي أثمان نتيجة سوء تقدير من أي حكومة أو مجلس نواب أو أعيان.
والسعادة لدى الناس ليس لأن النواب والأعيان لم يحصلوا على ما أرادوا بل لأن هذا التشريع يخلو من أي إدراك للمرحلة ويغيب عنه البعد السياسي والشعبي ويتجاوز رؤية الملك في إغلاق الأبواب أمام ما يضعف مؤسسات الدولة، وهو صاحب المبادرة قبل أربع سنوات إلى إلغاء إمتياز جعل المجلس في نظر الناس يحتاج إلى حل وهو ما كان عام 2009.
كان على السادة في مجلس الأمة أن يدركوا أن مثل هذه التشريعات التي تحمل شبهة دستورية ورفضاً شعبياً تصنع تشويشاً على فكر عميق ورؤية متقدمة طرحها الملك قبل أيام في الورقة النقاشية، فكيف سنقنع الناس بجدية الإصلاح بينما مؤسسات دستورية تصنع قناعات سلبية لدى الناس وتضعف الثقة بالدولة ومسارها.
هو الملك ضمير الأردنيين، وعنوان الجدية في حماية الدولة والإنتقال بها نحو ما هو خير، وعلى بقية المؤسسات أن تقتدي بتلك الروح الأردنية التي يدير بها الملك أمور الدولة، فالدولة ﻻ تحتمل دفع أثمان لأي قرار أو تشريع غير مناسب، والناس تحتاج للنموذج الإيجابي وليس للممارسة السلبية.
من حقنا كأردنيين أن نفتخر بهذا الرمز الذي لم يخذل شعبه وأهله، وهو الحامي للدستور ولكل مسار إيجابي، والحريص حتى على مشاعر أهله وناسه.
(الرأي)