الورقة الملكية الخامسة: الشراكة أساس نجاح التحول الديمقراطي
علي الخوالدة
15-09-2014 02:33 PM
تحمل الورقة الملكية بكل وضوح عوامل و شروط نجاح عملية التحول الديمقراطي العميق و التي حددتها الورقة النقاشية و هي المنجزات التشريعية و المؤسسية ، و البنية التحتية للتحول الان متوفرة و أهمها التعليم فالمواطنون الأكثر تعليماً هم الأكثر مشاركةً و انتاجية كما تشير الدراسات و الأبحاث ، و لقد قطعت الدولة الاردنية منذ تأسيسها شوطاً كبيرأً في مجال التعليم ، و المنجز التعليمي هو الأهم لاحتضان التحول الديمقراطي ، فالتعليم الاساسي متاح للجميع ، و نسبة الأمية متدنية ، و خريجي الجامعات بأعداد كبيرة ، أما المنجز المؤسسي فلقد اكتملت الان المؤسسات الإصلاحية و الرقابية ، و التي تحمي الديمقراطية و تعزز سيادة القانون ، و لكن تحتاج إلى الممارسة الفعلية لهذه الادوار ، و إلى خبرات واعية بواجبات و مهام هذه المؤسسات .
التصور الملكي يسبق ما تطرحه الأحزاب السياسية ، و كذلك مؤسسات المجتمع المدني و التي يعتمد بعض منها على أولويات المانحين قبل الأولويات الوطنية .
فلقد أشارت الورقة الملكية إلى دور الأحزاب في إعداد القيادات الحكومية ، و هو موضوع لم يتم التعرض له مسبقاً، و ينم عن فهم واع لأدوار الاحزاب السياسية في التنشئة السياسية و اعداد القيادات المجتمعية ، في الماضي لعبت الأحزاب هذا الدور و قدمت العديد من القيادات المميزة للعمل العام ، و لكن بشكل غير منظم و غير مؤسسي ، و جذبت الدولة الأردنية العديد من هذه القيادات الحزبية الى مواقع صنع القرار و الأمثلة على ذلك كثيرة .
و في الدول ذات التجربة الديمقراطية و خصوصاً اوروبا يقود الأنظمة السياسية فيها و يديرالحكومات قيادات طلابية و حزبية و هم نتاج العمل الحزبي البرامجي الذي يقدم للمجتمع برامج و حلول لمشكلاته ، و يتم التنافس بين هذه البرامج .
ما تشير إليه الورقة أن الفعل السياسي الان - و بعد اكثر من عقدين من عودة الحياة البرلمانية - هو المدخل الرئيس للثقافة الديمقراطية رغم أن العلاقة بينهما اشتباكية ، فالعمل السياسي له مهارات تبني الثقافة الديمقراطية لدى أفراد المجتمع ، و تزرع السلوك الديمقراطي ، فالمعرفة و التثقيف وحدهما لا يكفي للتحول الديمقراطي دون أن تتحول هذه المعارف و الثقافة الى مهارات و سلوكات و ممارسات من خلال العمل الحزبي و السياسي الذي ينتج عنه حكومات برلمانية يمكن محاسبتها و مراقبتها.
الإنجاز التشريعي القادم و المطلوب الذي تناقشه الورقة يتمثل في إنجاز قانون أحزاب سياسية و إنجاز قانون انتخاب يتيح للقوى و الأحزاب و التيارات الفكرية و السياسية الدخول إلى بوابة التشريع و بوابة تشكيل الحكومات القائمة على برامج واقعية و ممكنة التطبيق و تقدم حلولاً لمشاكل المجتمع الاقتصادية و الاجتماعية.
الورقة الملكية خارطة و رؤية و اضحة التصور لاستمرار عملية التحول الديمقراطي ، و للأدوار المطلوبة من كافة الشركاء لتنظيم العلاقة بين المجتمع و مؤسساته المختلفة ، و الورقة تؤكد على أن الشراكة بين كافة الأطراف هي أساس نجاح التحول الديمقراطي العميق الذي يشارك فيه الجميع ، و يكون لكل فرد من أفراد المجتمع الأردني دور في عملية التنمية المستدامة .