facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




وجع الجنوب ..


15-09-2014 01:59 PM

فقر.. ومشاريع غائبة.. والخوف من ان التنمية التي جرى الحديث عنها قد لا تأتي، هي اكثر الملاحظات التي رسخت الانطباع اننا لسنا على ما يرام.

اليوم عدت الى عمان بعد رحلة دامت خمسة ايام في الجنوب... استهللتها الاربعاء بزيارة للمدينة التي اقسم بها عرار الشاعر العظيم الذي احس باوجاع اهلنا في الوسط والجنوب قبل ان يحس بها احد من ابناء هذه المناطق.. فلا فرق عنده بين مسلم ومسيحي ولا شمالي وجنوبي فالانسان قيمة تعلو على الطوائف والجماعات والاعراق وكل الحسابات الجهوية الضيقة، فالرحمة على روح ابي وصفي الذي اقسم بماحص والفحيص... وبالطفيلة والثنية وهي البلدات التي ان اصابها الضيم او الجوع تداعت لشكواها سائر بلدات الوطن..

وطننا يئن اهله اليوم تحت ضغوط الحاجة.. وقلة الموارد والاهمال الحكومي الذي يبعث على الاحباط والعتب والغضب احيانا...

على يمين ويسار الطريق المؤدي الى الطفيلة هناك بيوتات صغيرة من الاسمنت.. ودكاكين وبعض البسطات البدائية التي تعرض القهوة، والشمام، والبندورة والماء واشياء اخرى لا يعلمها الا الله..

وعلى نفس الطريق مبانٍ عملاقة للشرطة والدرك والدوريات والسجون.. كذلك جبال من التراب الذي تم فرزه من مناجم تعدين الفوسفات ومصانع الاسمنت الابيض والداكن.. ومسلخ للدواجن ودخان لمصانع الحديد.. وطريق طويل يشكل النجاح في اجتياز مطباته وحفره.. وتباين منسوب سطحه هبة من الله تستحق الشكر...

ما ان تواجه تقاطع الحسا.. الطفيلة على الطريق الصحراوي وتتجه غربا حتى تطالعك مناظر سلاسل الجبال التي تملأ صدرك بالاثارة والتوقع لما يختبئ بين طياتها وفي سفوحها... وعلى طول الطريق الواصل من الحسا الى العيص تصدمك الاراضي الجرداء بالرغم من جودتها.. ولا غطاء نباتي للارض التي قيل ان زوارها اعتادوا الانحناء على ظهور رواحلهم لكي لا تمزق اغصان الشجر غطاء رؤوسهم..

وبالرغم من انك تشاهد كميات المياه التي تقذفها الآبار التجريبية على جانب الطريق فان السكان لا يملكون الحق في استخدام المياه الجوفية الساكنة في اعماق ملكياتهم خوفا على ان تنضب المياه فلا تكفي ملايين اللاجئين الذين قد يحلون ضيوفا علينا اليوم او بعد الف شهر فتطيب لهم الاقامة على ارض الحشد والرباط....

ما ان تنهي رحلة المائة والعشرين ميلا حتى تصل الى مشارف المدينة وتأسرك الاطلالة الفريدة على الغرب.. حيث تطالعك جبال الخليل.. والتي تتبدى وكأنها خطت بريشة فنان لتضيف جمالا للشعور الذي يتولد في صدرك وانت تشاهد البحيرة الاكثر انخفاضا وملوحة وشهرة في روايات وقصص وديانات الشعوب الغابرة والخالدة.

في الطفيلة فرح وهموم؛ فغالبية الناس اغنتهم كرامتهم وعزة انفسهم عن العتب واللوم والسؤال.. لكن الهم استوطن صدورهم واتعب قلوبهم بعد فقدان الثقة باننا نسير في الاتجاه الصحيح.. فلم اقابل أحداً قال انه يفهم ما يحصل في بلادنا او قانع باننا على الطريق الصحيح...

الامور متداخلة.. وساعاتنا اعتادت التأخير.. والناس لا تثق بالكثير مما تسمع ولا تعي المنطق وراء الاجراءات التي تتخذ على عجل ويخطط لها تحت جنح الليل.. فالمجالس المنتخبة تبدو صورية.. والعالم يتحرك حولنا ونحن في حالة سكون او تراجع غير مفهوم.. وحالة تعجب من ضجيج الاحتفال بالحالة التي تستعصي على الفرد العادي ان يفكك رموزها.

في الطفيلة شكا الناس من نقص الخدمات.. وقلة اكتراث المسؤولين.. وعدم صدقية الوعود.. الطرق في بعص القرى اسوأ مما كانت عليه في الستينيات والوعود مستمرة.. ولا يرى الناس طحنا...

مشكلة شبكة المجاري في مدخل المدينة مستعصية على الحل وقد تتحول الى كارثة صحية في اي وقت.. هناك نقص في المعلمين... والبطالة متجذرة ولا امل في وضع حد لتناميها.. حاجات المزارعين اكبر مما تقدمه الوزارة فالجنادب اجهزت على الكثير من محصول القمح ولم يقدم للمزارعين ما يحميهم من اﻵفات التي اغتالت احلامهم في محصول انتظروه بفارغ الصبر... السياحة للمحافظة معدومة رغم جمال المكان وميزة الطبيعة والمناخ.. ومشاكل الجريمة حدث ولا حرج.. عشرات المهندسين لا يجدون عملا.. ومئات الخريجين لا يعرفون عن مستقبلهم شيئا.. المخدرات منتشره.. ولا اجراءات غير بعض برامج الوعظ والارشاد.. السنة مدينة للثقافة لكن اهتمامات الوزارة منصبة على الصين هذا العام.. خطباء الجمعة يدعون لنصرة المجاهدين.. أي مجاهدين لا اعرف!

طريق عيمة الطفيلة هي الاسوأ.. والمجاري معطلة في حي البرنيس والاجابات التي يتلقاها الناس من المسؤولين اقرب الى اخلاء الطرف من الرغبة في التخفيف عن المواطن وحل مشكلاته.

غالبية الناس لا يفهمون كيف لحكومة تجيش كل وسائل الاعلام والكتاب ولقاءات المسؤولين للحديث عن مشكلات الموازنة.. ويأتي قرار مجلس الامة باقرار تشريع يرتب التزامات مالية اضافية على الموازنة.. النواب والاعيان زادت امتيازاتهم المالية في السنوات الاخيرة بمعدلات اعلى من امتيازات اي فئة اخرى.

في العيص وعيمة.. والعين البيضاء والقادسة والشوبك والفيصلية ومعان والعقبة وبئر مذكور... وغور الصافي.. والقصر.. وفقوع.. والقطرانة هو نفس الهم...والشكوى هي الشكوى فلا توجد تنمية حقيقة
تؤثر ايجابا على نوعية الحياة.. فمشروع ايلة العقبة.. وسرايا العقبة.. وميناء زايد.. وفوسفات بروناي.. وبوتاس كندا.. وزين البحرين.. واورنج الفرنسية.. ولافارج.... وحديد بدران ودبي كابتل واسمنت الخرافي.. مشروعات جيدة لكن الحياة الكريمة للناس تحتاج لغير ما يحتاج له صبيح المصري وسعد الحريري.. ومدير البترول الوطنية..

الناس يحتاجون خبزاً وأمناً وكرامة وثقة بالمستقبل.. ومعرفة بما يواجههم من أخطار.. وكيفية التصدي لها.. يحتاج الناس ان يكون لهم رأي في صياغة مستقبلهم ومستقبل ابنائهم...

ويريدون تفسيرا حول لماذا يلقي العالم فائضه البشري على ارضنا بالرغم من شح مائنا وقلة خبزنا.. هل ذلك مقصود؟.. ولماذا لا يلتزم اشقاؤنا الذين اججوا الثورات في الجوار برفدنا بالطاقة الوافرة لديهم ويساعدوننا على تحلية المياه لنا وللضيوف؟.. ولماذا لا يستوعبون ابناءنا في اسواق عمل بلدانهم؟.. ولماذا يتحمل ابناؤنا وحدهم نتائج اضطراب الاقليم ونبقى نتصرف مثل التلميذ النجيب في صفوف غالبية اعضائها اشقياء؟.. ما فائدة اشارة حسن السلوك؛ اذا لم نحرز النجاح في المقررات الاساسية؟!

نريد كرامة.. وعزة وطنية.. ومستقبلاً...





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :