حيرة ووجوم تعلو هامة المواطن الأردني بعد نجاح ابنه في التوجيهي، بدل الفرحة والسعادة، فقد جاء اليوم الذي يدخل فيه (الولد) الى الجامعة... وأية جامعة.. وصفها أحدهم أنها (خراب بيت) لما كلفه ذلك من مبالغ طائلة حتى أخذ ابنه الشهادة... يصطدم المواطن الاردني بمرحلة جديدة من حياته تكلفه ما فوقه وما تحته، فالولد يجب ان يدخل الجامعة لا محاله مثله مثل باقي الناس..
والوالد في الأردن يجب عليه أن يدخل إبنه الجامعة مهما كلّف الثمن والتكاليف، والجامعات تتنافس في ( اسعارها) وكأننا في سوق شعبي لبيع الشهادات الجامعية، فهذه الجامعة تعطي خصما مقداره كذا وهذه لا تعطي سوى كذا، وتلك يوجد فيها مرافق متطورة وتشغيل هذه المرافق يتطلب رفع الرسوم... وبعضها رسوم مدرسة ثانوية .... والمواطن بين هذا وذاك حائر وخائر القوى ومستسلم للأوامر ولسان حاله يقول( دبر حالك)..
لم يخطط المواطن الأردني لمثل هذا اليوم؟ يوم نجاح ابنه في التوجيهي وبدء رحلة المعاناة والشقاء... ، لم يخبيء قرشه الأبيض لمثل هذا اليوم الأسود. وأسميته أسوداً لأنه ايذانا ببدء رحلة المعاناة والشقاء... لم تكتمل الفرحة، فرحة الأسرة بنجاح ابنها في التوجيهي، مرحلة جديدة من الشقاء بدأت، وحلقة جديدة من حلقات المعاناة حلّت ....
المتابع لما يجري في بلدنا الغالي يرى أن حصول مقعد لطالب التوجيهي في الجامعات الأردنية يعني أن يبيع ولي الأمر ما فوقه وما تحته ويضعه في مالية الجامعة، وأن (يقطم) اللقمة عن فم الاسرة كاملة، وأن يكد ويكدح ليل نهار حتى يؤمن اقساط جامعية خيالية لا ندري كيف تم رسمها ومن قبل مَنْ ولماذا.
يبدو أن مقولة المغفور له جلالة الملك الحسين 'الإنسان أغلى ما نملك' قد ذهبت أدراج الرياح، في ظل هذه الفوضى، ونحن نرى من هم موكّلون بالمحافظة على هذا الإنسان و أمنه و كرامته يستهترون به .
المواطن الأردني يتقلب من معاناة الى معاناة لم يعد يحتمل جلد السياط، فمن غلاء الاسعار الى الضرائب الى رسوم الجامعات الى السكن الى الأعياد الى فتح المدارس والالتزامات المترتبة عليها الى الجامعات ورسومها واقساطها اللامنطقية وملحقاتها غير المبررة..
الملاحظ أنه لا يوجد ما يردع الجامعات ويكبح جماحها بشكل عام عن رفع الرسوم المستمر على المواطن، مستغلة تهافت الطلبة وشغفهم للحصول على شهادة جامعية أية شهادة، لا يوجد أية ضوابط او تشريعات ضابطة للحد من الارتفاعات المتزايدة سنويا على الرسوم الجامعية... مواطن يقول: تغربت في الخليج 15 عاما وكل تعب السنين دفعته للجامعات ... وماذا بعد ذلك؟ بطالة ومحسوبية وواسطة وشللية ...
ان مبررات الجامعات في غلاء رسومها غير منطقية وغير مبررة وكأنها تعيش في المريخ.. وان رفع هذه الرسوم فقط هو لزيادة الارباح وجني المال الوفير في وقت... الكل فيه يرفع..