تقاعد النواب في الدورة الاستثنائية لماذا؟؟؟
سامي شريم
15-09-2014 04:04 AM
يبدو أن السُلطتين التنفذية والتشريعية بعد أن أغرقتا البلاد في أزمات بنيوية سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية لازالتا تصُران على السير بنفس النهج مع استمرار استفزاز ابناء الوطن بعد أن رحل الربيع العربي مُخلفاً الربيع الداعشي بما يجعل جميع القضايا التي كانت سهلة في الماضي القريب مستعصية الحل .
إن إصرار اصحاب القرار على الاستمرار في سياسة التمادي على الأمة وحقوقها وثوابتها في ظل ظروف صعبة لا يعكس إلا مفهوماً واحداً هو أن الرؤيا اصبحت معدومة لمن يملك القرار ، واصبح لا يرى إلا مصالحه وزبانيته هدفاً من ممارسته للسلطة ،عدا ذلك أعطوني سبباً واحداً في ظل ما تُعانيه البلاد من عجز ومديونية يسمح للحكومة بإدراج قانون التقاعد للنواب والأعيان الذي رده جلالة الملك انتصاراً للأمة ليوضع على جدول دورة استثنائية تعقد في العادة لدراسة واقرار قوانين لها سمة الضرورة والاستعجال ، فأين الضرورة ؟؟!!
ولماذا الاستعجال في مثل هذا القانون الذي يُقزم السلطات ومن يقوم عليها في عيون الأمة ؟؟!! وهم يرون النخب السياسية كما يسمونها تتجه لإهمال كثير من الضروريات للتوجه المصلحي بما يجعل كافة مخرجات هاتين السلطتين تتمحور حول مصالح اعضائها ما يُعرف بالانحراف التشريعي بعد الامعان في ممارسة الانحراف الاداري والدستوري ما أوصل الأمة إلى حافة الهاوية بما يؤدي إلى تعزيز فقدان الثقة بين الأمة وسلطاتها ويعمق الإيمان بأن نهج الفساد والاستبداد والخيارات الفاشلة هو ديدن هذه السلطات .
أي منطق و أي إحساس بالمسئولية يجعل مُشّرعي الأمة ومجلسها بغرفتيه نواباً وأعياناً يجتمعون في ظل ظروف صعبة واولويات مختلفة ليقروا مكاسباً يعتدون فيها على مالية الدولة المُثقلة بالديون والمُنهكة بالعجز ليقروا قانون يتجاوزون فيه على البنية القانونية للقوانين في اصقاع الأرض بجعله بأثر رجعي خلافاً لكل قوانين الدنيا ولغايات انتخابية ونفعية بُحتة في تحدٍ صارخ لإرادة الأمة التي منحتهم شرف تمثيلها ووصّفتْ واجباتهم وحدود سُلطاتهم بما يخدم مصالح الأمة والوطن فجيّروا هذه الصلاحيات لتصبح طريقاً للوصول إلى المال والجاه لهم ولزبانيتهم .
تزامن القرار لسوء الطالع أيضاً مع حضور وفد صندوق النقد الدولي الذي يأتي دورياً للرقابة وتقديم النُصح في إطار الروشيته المعروفة وقف المكافآت ووقف العلاوات ورفع الأسعار وفرض المزيد من الضرائب ووقف الدعم وخصخصة الأصول والدخول في اتفاقية منظمة التجارة العالمية التي تهدم الحواجز وتُقزم الدول أمام الشركات المتعددة الجنسيات ولتحقيق أهداف أصبحت معروفة للقاصي والداني ومع ذلك رغم اعتياد الحكومة إخفاء أية أعباء جديدة تترتب على موازنة الدولة إلا أن إقرار القانون تزامن مع وصول الوفد وهذا يطرح تساؤلات على رأسها هل زيادة الرواتب ومنح المكافآت لأصحاب السعادة والمعالي فقط هو المسموح في عُرف صندوق النقد الدولي وباقي الزيادات للسواد الأعظم وفقراء الأمة هي التي يمنعها ويتحفظ عليها، نُعلق الإجابة لنسمع فيما إذا كان للوفد الضيف أية تعليقات أم أنه في العادة يشجع مكافآت هذه الفئات .
إن فشل كافة السياسات التي انتهجتها الحكومة في وقف مد المديونية وتفاقم عجز الموازنة ومهما اجتهدت الحكومة في البحث عن شمّعات لتعليق هذا الفشل بعد أن استخدمت ما في جرابها من وسائل واجراءات من رفع للدعم وزيادة في الضرائب ورفع للأسعار لم تُثمر في زيادة إيرادات المالية العامة بقدر نجاحها في زيادة 20% من الأردنيين إلى قائمة الفقراء وتحويل كثير من ابناء الشعب من دافع ضريبة إلى طالب معونة من صناديق التنمية وقروض من مؤسسات الاقراض .
في الختام إن زيادة الضغط على ابناء الوطن بهذه التصرفات الغير مسئولة يفتح شهية الكثيرين للمطالبة بتحسين أوضاعهم وزيادة رواتبهم ومكافآتهم، ما يضيف عجزاً جديداً للاقتصاد المُنهك ابتداءً، و لا يظن أحد أننا ضدّ زيادة الرواتب والمكافآت ولكن قبل ذلك لابد من خلق اقتصاد قوي قادر على تقديم هذه الامتيازات، أما ما نراه وما تُمارسه الحكومة ما هو إلا إجراءات من شأنها إضعاف الإقتصاد وتحميله أعباء جديدة لإدخاله غرفة الإنعاش قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى.