بالله عليك يا سيدتي، لا تمدي يديك يا أمي يا أميرة الامهات، فاليوم يحتفل العالم بعيد الأم، ولك أن تشعلي الفرح متى تشائين، لا أن تمدي يدك طالبة العون والمساعدة من أحد، فأنت العون وأنت الحياة.
مجرم من أوصلك يا أمي إلى هذا الحال، فقد كنتِ دائماً رمز العطاء، ومن يديك يتفجّر نبع الحنان.
يا أمي لا تنتظري المؤسسات الدولية التي تمد يد العون، ولا القادة الذين جاؤوا في غفلة من الزمان، أنت مصنع الرجال، وأنت من تخرّ لها الجباه.
في الصورة امرأة عراقية تنتظر دورها أثناء توزيع مساعدات إنسانية من قبل الصليب الأحمر للأسر المهجّرة في بغداد.
يا أمي، نعيش في هذه الأيام ذكرى مرور خمس سنوات على الحرب الأميركية في العراق، ويحتفل بوش ورجاله الجدد بما تحقق من انتصارات وهمية.. هم لا يعرفون يا أمي أن كل انتصاراتهم لا تساوي أن تمدي يدك طالبة المساعدة في توفير لقمة الخبز، لا يعرفون أن كل مغانم «ديمقراطيتهم الموهومة» لا تساوي دمعة من عينيك.
يا أمي أنت أكبر منهم جميعاً، منذ أشعلت الحطب تحت قدر يطبخ الحصى لإسكات جوع الأطفال، فأدمى هذا الموقف قلب عمر.
يا أمي هل تعلمين أنه يوجد الآن في العراق ما يزيد على مليوني أرملة وخمسة ملايين طفل يتيم؟
المرأة العراقية، تحتفل اليوم بعيد الأم وهي ثكلى أو أرملة، وتبحث عن فرصة لتحقيق آمال عائلتها، ولتأمين العيش لصغارها اليتامى، كما انها تتحدى الصعاب من أجل الاستمرار في الحياة، وهي صبورة تحمل أحزان الدنيا وأعباء الحياة، وترسم على وجهها المتعب ابتسامة أمل لا تنتهي.
المرأة العراقية كما كل النساء الصابرات، من طراز خاص لا شبيه لهن في الكون، علّمتها الحياة ألا تنحني للصعاب بل هي شوكة في وجه الغدر. ففي زمن الحروب هي أخت وصبية وزوجة مساندة للرجل في القتال، وفي السلم حبيبة محبة للحياة والعطاء ولكل شيء جميل.
كلهم مجرمون يا أمي ويجب أن تقطع أياديهم، قبل أن تشتدّ عليك أنياب الجوع وصرخة الأطفال، فتقفين في طابور تمدين فيه يدك بانتظار المساعدة.
يا أمي.. أنت وجع العراق، ووجعنا جميعاً.
أعيديها أيتها الشامخة شموخ بابل وسومر، أعيديها فما من كرامة سيمنحونها لكِ، فأنتِ التي منحتهم كرامة التاريخ، وعبق ألق الماضي.
في عيدكِ، عيد الأمهات أقول: موتي جوعاً ياأماه، لأفتح في سخرية عليّ وعلينا جميعا ديوان ابنك السياب وأقرأ فيه:
«أماه ليتك لم تغيبي خلف سور من حجار
لاباب فيه لكي أدق ولا نوافذ في الجدار».
· عن صحيفة "أوان" الكويتي