" دكانة أبو عطا " .. وتقاعد " الأمة " .. !!
أنس علي الحياري
14-09-2014 04:49 AM
مسكين هو مجلس الأمة، فبعد أن انتهى من وضع الحلول لجميع مشاكل الشعب وقضايا الوطن ، والتي تطلبت من شقّيه "أعيان ونواب" جهودا كبيرة " بضرب وتطبيش بعضهم البعض" وانشغال طويل ومستمر لبعضهم الآخر بأخذ "عطوات الصلح بينهم"، تمكنوا أخيرا من الالتفات إلى مشكلتهم المصيرية ألا وهي مشكلة "التقاعد" والتي آثروا على أنفسهم بحلها "لعيون الأردنيين ومشاكلهم" .. والتي لم يختلفوا عليها أبدا .. حتى أنها لم تأخذ منهم "غلوة" بالتصويت والموافقة..
ولأن ما يملكه " معاليه و سعادته " ما هو الا بضع شركات واستثمارات " يادوب يكفو" حل مشاكلهم الحياتية الخاصة، قرروا بالاجماع منح أنفسهم رواتب تقاعدية مدى الحياة، علها تسد مصاريف "ربطة الخبز" وبضع الحاجيات الأساسية التي يتم شرائها من "دكانة أبو عطا" آخر سوق العبدلي ..
بعد أن حَل المجلس جميع مشاكل المواطن، وشرّع القوانين وأقرها لصالحه، وبعد أن أصبح الفقر والبطالة للأردني مجرد درس في مادة التاريخ، ويمكنه الدراسة بأي جامعة يريد، ولديه تأمين صحي شامل، ومعفي من جميع الضرائب، ولا يهتم ما إذا انطبق عليه قانون الضمان الاجتماعي القديم أو الجديد، لا بد للمواطن أن يقف وقفة "زلام" إلى جانب "النواب والأعيان" خصوصا أن رواتبهم "تتبخر" مع بداية الشهر لكثرة الاتزامات المترتبة عليهم " كأن يعتصم المواطن مثلا أمام مجلس الأمة للمطالبة بزيادة رواتب التقاعد الخاص (بمجلس الأمة)كنوع من رد الجميل لهم..
ليس غريبا أن يقوم جهابذة الأمة بهذا القرار، فبعد أن انتهت جميع المشاكل والقضايا وما الى ذلك من أمور يمكن مناقشتها بالمجلس، وجب على سعادة النائب أو العين "الماكل روح الخل" الاهتمام لأموره الشخصية ولو لمرة واحدة على الأقل، فقسط دراسة ابنه بالجامعة "الخاصة" لم يدفع بعد، علما أن "ابن سعادته" معدلة "يخزي العين بالتسعينات" ولم يحصل على منحة أو مكرمة كباقي أبناء الأردنيين أصحاب "الستينات" .. أيضا لم يستطع معاليه أن يوفر لفلذة كبده الوظيفة المناسبة لعدم وجود "واسطة" لديه، فكان قرار منح التقاعد هو الحل الأمثل لتشغيل ابنه كأن يفتح له "كشك قهوة " على طريق المطار..مثلا.
أتوقع أن مثل هذا القرار لم يعد بالفائدة فقط على أعضاء المجلس، انما فيه ضمان مستقبلي للمواطن العادي أيضا، إذ ستصبح عضوية المجلس هدف أي شخص .. خصوصا أن فرحة الغني لا تكتمل الا بالسلطة والجاه، فمن السهل على المواطن ترشيح نفسه للبرلمان لضمانه راتبا تقاعديا مدى الحياة، يستطيع من خلاله تعويض مصاريف حملته الانتخابية واسترجاع المبالغ المصروفة "لشراء الأصوات والعشوات وما يتبعها من تحلاي و"فت مصاري" ..
"يا حسرتي عليك يا هالمجلس شو مسخم".. وتستحق فعلا أكثر من راتب تقاعدي، فجهودك المبذولة لم يأبه لها أحد، وبالتحديد "حبيبك المواطن" والذي تناسى أن أصحاب السعادة والمعالي في المجلس هم نفسهم أصحاب الدخل المحدود والجهد اللا محدود، وتناسى أيضا تواجدهم بجميع المحافل في أي وقت ومكان، فنرى أحدهم يطلب لابن فلان من عشيرة فلان والآخر يعطي فلانة عن عشيرة فلانة، بالاضافة الى حضوره المستمر والدائم لكافة الجلسات التي يناقش بها المجلس قضايا مصيرية للوطن والمواطن.. وبعد هذا العناء كله لا يستطيع بنهاية اليوم ايجاد ما يسد به جوعه، ليولم له أحد المواطنين "المستوزرين" وبدون أي مناسبة تذكر..
عذرا يا "مجلس الأمة" نسينا أن مركباتكم متواضعة وبالأقساط ان لم تكونوا أصلا من هواة "المشي الكعابي"، ولم نتوقع يوماأن تكون بيوتكم بالإيجار رغم أن مرونة قانون المالكين والمستأجرين جاء بجهدكم..
ولكن ما دام المثل الشعبي يقول: "العز للرز والبرغل شنق حاله " سنبتعد عن التساؤلات الكلاسيكيةولن نسأل عن مبلغ التقاعد؟ أو اذا كنتم تستحقون هذا التقاعد فعلا أم لا ؟ .. " لأن السؤال الأهم والأقوى هو .. " أبو عطا صاحب الدكانة كان ياخذ كاش واللا يسجل عالدفتر ..؟؟".. وبالحالتين نقول... "إلك الله يا أبو عطا وإلك الله يا وطن"..