قانون التقاعد المدني ،،، والسطو على المال العام ؟!
د. بلال السكارنه العبادي
14-09-2014 04:28 AM
جاء التعديل في قانون التقاعد المدني اثناء انعقاد جلسة مجلس الامة مجتمعة ما بين اعضاء مجلس الاعيان والنواب ، والمتعلقة بتعديل راتب النواب ليصبح فوق ثلاثة الاف دينار بشرط ان يكون له خدمة عامة تتجاوز سبع السنوات كالصاعقة على ابناء الشعب الاردني ، وذلك بتوقيت هذا القرار والظروف الاقتصادية التي يمر بها الوطن وعدم اجراء اي من تعديلات على سلم الرواتب المتعلقة بموظفي الدولة بكافة شرائحهم ، وبالرغم من التكرار المستمر بزيادة هذه الرواتب الا ان الحكومة كانت تمانع بحجة انه لا يوجد موارد مالية كافية بالخزينة لتسديد الالتزامات المترتبة على مثل هذه القرارات .
واذا كانت الغاية من هذا التعديل هو للمساواة مع رواتب الوزراء فإنَّ المادة (44) من الدستور تمنعُ الوزير من القيامِ بأي عملٍ خاص. فالوزير لا يستطيع أن يشتركَ في أي عملٍ تجاريٍ أو ماليّ ، أو أن يتقاضى راتباً من أيةِ شركة. بمعنى آخر، فإنَّ الوزير متفرغ كلياً لعملهِ كوزير. ولأنه يتقاضى راتبهُ من الخزينة العامة فلا يجوزُ له أن يتقاضى راتباً تقاعدياً الا بعد انتهاءِ عملهِ كوزير.
أما عضو مجلس الأمه ، فله ُ ، بالإضافة إلى عضويته في المجلس ، أن يُمارس أي عمل آخر وأن يشتركَ في الأعمال المهنية والتجارية والمالية. ومقابل عضويته في مجلس الأمة ، يتقاضي العضو مخصصات (المادة 52 من الدستور) والتي أصبحت تُعتبر راتبا ً- ويقوم في الوقت ذاته بممارسةِ أي عملٍ مالي أو تجاري. ويضاف إلى ذلك فإنه يتقاضى راتبا تقاعديا عن خدماته السابقة في أجهزة الدولة ، يجمعه مع مخصصاته، وعليه فإن عضو مجلس الأمة ليس متفرغاً لعمله في المجلس ، ويتقاضى راتبا تقاعدياً في نفس الوقت ، بالإضافةِ إلى أعماله المالية والتجارية الأُخرى.
علماً بانه بتاريخ 19 تشرين الثاني 2012 كان جلالة الملك وبموجب صلاحياته الدستورية قد اعلن عدم الموافقة على بطلان القانون المؤقت رقم 10 لسنة 2010 المعدل لقانون التقاعد المدني رقم 34 لسنة 1959.
وعلى أثر ذلك وجه جلالته رسالة ملكية لدولة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور بضرورة مراجعة قانون التقاعد المدني بشكل يضمن العدالة والشفافية وكذلك ضرورة مراجعة القانون فيما يخص اعضاء السلطات الثلاث بشكل يعالج الاختلالات المتراكمة وعدم تحميل خزينة الدولة نفقات باهظة.
وبالفعل تقدمت الحكومة بمشروع قانون معدل لمجلس النواب وأصر النواب بادخال تعديل يساوي بين اعضاء مجلس الامة والوزراء على اساس الراتب الاساسي للوزير ، وهنا حدث الخلاف بين الاعيان والنواب وهو ما استدعى جلسة مشتركة لاعضاء المجلسين، وعلى ضوء ذلك تقدم النائب محمود الخرابشة باقتراح توافقي بأن يحسب الراتب التقاعدي لاعضاء مجلس الامة على أساس الراتب الاساسي للوزير بشرط ان تكون الخدمة المقبولة للتقاعد لاعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية سبع سنوات بحيث ﻻ تسري على من لم يكن عضوا قبل 10/5/2010 وحظي هذا الاقتراح بقبول مجلس الامة بشقيه.
واذا كانت النية تتجه للمساواة بين راتب الوزير والنائب فالاجدى ان يكون النائب لدية خدمة تتجاوز ( 20) عاماً على الاقل في القطاع الحكومي فقط ولا تحتسب خدمة النواب على انها جزء من ذلك الاستحقاق للتقاعد ، خاصة ان الغالبية العظمى من النواب لديهم موارد مالية ممتازة ، وان انضمامهم لعضوية هذا المجلس من باب تحقيق الذات المعنوية ، وان ما ينفق من قبلهم على الحملات الانتخابية والمال السياسي اكبر دليل على ذلك ، الا اذا كانوا راغبين باعادة ما تم انفاقه من خلال السطو على المال العام .
وبالتالي فأن أن تطبيق القانون بأثرٍ رجعي ، سيشكّل سابقةً خطيرة ويَفتحُ الباب أمام مُطالباتٍ مماثلة لا حَصرَ لها ، ويُحمِّلُ الخزينة نفقاتٍ إضافية غير مُتاحة أصلاً ، وكذلك يشكل كنوع من عدم العدالة ما بين افراد المجتمع ، ولذا فاننا نتمنى ان لا يتم الموافقة على هذا القرار بالارادة الملكية برده ثانية .