facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




شرف الكلمه


شحاده أبو بقر
14-09-2014 04:26 AM

للكلمة في هذا الوجود وجهان لا ثالث لهما، فهي إما طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين ، كما قال خالق الكون والحياة سبحانه ، او هي خبيثة كشجرة خبيثة ما لها من قرار وبإرادته هو وحده جل في علاه لا بقرار سواه من خلقه ، وشتان ما بين الطيبة والخبث ، فالأولى تنجي من عذاب الدنيا والآخره ، والثاني والعياذ بالله شر في الدنيا والآخرة على حد سواء ، ومن هنا فقد تجسد الشرف الإنساني إبتداء في الكلمه، فهي إما مصدر سعادة للبشر إن إلتزمت جوهر الشرف وكانت موزونة في مبناها ومعناها ومكانها وزمانها ،او هي مصدر ومبرر شقاء للبشر إن هي جافت كل هذا ، وفقدت حرمتها التي هي عفتها وزينتها .

مؤلم أن نرى الكلمة في هذا الزمان وقد خرجت من عقالها وباتت أداة للنفاق والنميمة والارتزاق دونما ادنى وازع من ضمير او تقوى ، ما دام هدفها هو الإدعاء الباطل والإقصاء والتهميش وألإستحواذ دون الآخر والتلذذ بشقاء ذلك الآخر خلافا لإرث آدمي كان مألوفا بين الناس حتى وقت غير بعيد ، عندما كان المجتمع الصغير والكبير كالجسد الواحد فعلا لا قولا وحسب ، ومؤلم اكثر أن تفقد الكلمة شرفها إذ تلقى على عواهنها دون ادنى إعتبار لأثرها في نفوس العامة افرادا وجماعات ، في زمن لم يعد الصمت فيه من ذهب ولا الكلام من فضة ، وإنما الصمت ًهبل ً والكلام ًفهلوه ً ، وليس هذا بالغريب حقا عندما ينسى المتكلم والصامت معا أن هذا الكون الى نهاية وأن الحياة الى زوال وأن يوم الحساب آت لا محاله .

نتابع كثيرا مما يقال في مجالس المناسبات والاعلام وعلى صعد شتى ونرى العجب العجاب إذ توزع الإتهامات والشتائم وتصدر الاحكام على الغائبين وربما على بعض الحاضرين غمزا ولمزا ما داموا لا يسمعون ، وعلى نحو يتيقن الانسان فيه فعلا من حقيقة أن كثيرا من الناس لا يحميك منهم ومن السنتهم الا وجهك ، فإن استدرت نهشوا لحمك ووجدوا في ذلك متعة ما بعدها متعه ، ولا حول ولا قوة الا بالله .

نستذكر نحن كبار السن بشرا كانوا كبارا في شخوصهم يندر او حتى يستحيل أن يصدر كلام جارح من احدهم بحق آخر حتى لو كانوا على خصومة شديدة معه ، لا بل كانوا يثورون فيما لو تجرأ احد ممن كانوا يسمونهم. ًمسامير الصحن ً آنذاك بالتطاول على ذلك الخصم الغائب عن المكان ، وذلك من باب النفاق لذلك الكبير ظنا من ذلك المسمار أن ذلك يسعده ، لا بل فالكبار اهل ذلك الزمان كانوا لا يتيحون فرصة للمسامير إياهم أن يسروا اليهم بقول سيء قاله آخر او آخرون بحقهم ويرون في ذلك نقيصة لا تليق بالرجال ابدا .

نعم كان ذلك هو السمة العامة للناس في ذلك الزمان ، كانوا يؤمنون حقا بأن للكلمة شرف عظيم وجب ان يحترم وان يراعى وان يصان ، ولهذا كانت مشكلاتهم قليلة وفي حدود المألوف وكانوا سعداء حتى وهم فقراء في المال ، بخلاف زماننا المعاصر حيث تستباح خصوصيات الناس ويتهمون ويشتمون ويقال فيهم الكثير وجله زور وبهتان ، الى الحد الذي صار فيه الحليم حيرانا ، وشاغل الموقع العام مرعوبا يخشى تشويه سمعته وإتهامه بما ليس فيه ، فتراه مرغما على أن يداري وان يجامل بشرا لا يرتاح حتى لرؤياهم او سماع اصواتهم .

لا نقول هذا الكلام تأشيرا على احداث بعينها ، لا والله ، وإنما لاحساس عام بأن الكلمة بكل ما فيها من قيم ومعان سامية وربما حتى قداسه ، غدت في هذا الزمان بلا قيمة تذكر ، وصارت لغوا وهذيانا وثرثرة اكثر منها كلمة ذات معنى وشرف وحرمه ، وفي هذا بالضرورة هلاك المجتمعات وإنذار صريح بأن قادم الايام في حياتها اسوأ ، ما دامت الاحكام جاهزة وبالشبهات الصادرة في بعض إعلام الكون عن تحليلات او تكهنات قد او هي في اغلب الاحيان غير صحيحة او واقعيه.

عندما يكون الانسان مؤمنا حق الإيمان يتقي الله في إختيار الفاظه ، والمؤمن الحق ليس شتاما ولا إتهاميا وإنما يتحرى الدقة في كل قول وعمل ويستذكر وباستمرار قول الحق سبحانه ً ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ً وهذا كفيل بحث الخلق على الكف عن اللغو والثرثرة واحترام شرف الكلمه . والله من وراء القصد .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :