القنبلة الانشطارية في قانون التقاعد
ماجد القرعان
14-09-2014 04:25 AM
يعتقد البعض ان مجلس الأمة قد نجح في قراره الأخير الذي اثار الشارع الاردني بمنح انفسهم رواتب تقاعدية مدى الحياة اسوة بالوزراء في تأكيد عملي بأن مصلحتهم تتصدر جميع اولويات مهامهم الدستورية وقد تابعنا قصورهم في استكمال العديد من التشريعات ذات الأهمية لا بل مماطلتهم في انجازها رغم اهميتها لمواصلة المسيرة الاصلاحية التي اطلقها جلالة الملك .
وعودة على بدء بخصوص ما اقره المجلس فقد سبق لجلالة الملك ان حسم هذا الأمر بارادة ملكية سامية ابطل بموجبها القانون المؤقت رقم ( 10 ) المعدل لقانون التقاعد المدني رقم ( 34 ) الذي يمنح الاعيان والنواب رواتب تقاعدية والذي حظي بتقدير وترحيب واسع من قبل المواطنين مقدرين لجلالته استخدامه سلطاته الدستور لتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة لاعضاء مجلس الأمة حيث ان الدستور يمنح الملك حق التصديق على مشاريع القوانين التي يقرها البرلمان أو رفضها في مدة أقصاها 6 أشهر من تاريخ قرار مجلس الأمة وقد وجه جلالته الحكومة بإعداد مشروع قانون جديد للتقاعد المدني يحول دون استغلال التشريعات لتمرير مكتسبات غير عادلة لا تراعي الصالح العام .
وفي ذلك الوقت نبه جلالة الملك النواب بضرورة إنجاز هذا التشريع بمسؤولية وموضوعية لافتا في ذات الوقت نظرهم الى أهمية تعاملهم مع هذا القانون والذي سيكون محل رقابة ( الناخبين ) الذين عليهم مساءلة نوابهم على أساس مواقفهم منه ومن سائر القوانين ذات الأولوية الوطنية في المرحلة المقبلة فكان هذه الانجاز المثير للجدل والذي بتقديري لم يكن الهدف منه ان ليتم العمل به بل ليواجه بسخط شعبي يدفع جلالة الملك الى استخدام سلطاته الدستورية فيبطله كي يتم العودة الى القانون السابق الذي يسمح بالجمع بين الراتب التقاعدي والمكافأة الشهرية التي يحصل عليها الاعيان والنواب حاليا البالغ مقدارها 3200 دينار شهريا .
في الوضع الحالي وبحسب القانون السابق فان مداخيل غالبية اعضاء مجلس الأمة بشقيه الاعيان والنواب ( الحاصلين سابقا على رواتب تقاعدية ) من رؤساء وزارات ووزارء ورؤساء مجالس أعيان ونواب وكذلك النواب من دورات سابقة ومدراء عامون لا تقل في الحد الآدنى عن مبلغ سبعة الاف دينار وعلى سبيل المثال فرئيس مجلس الاعيان الحالي الدكتور عبد الرؤوف الروابدة ومعه اعضاء المجلس من رؤساء الوزارات السابقين يتقاضون راتب تقاعد رئيس حكومة اضافة الى المكافأة المقررة سواء لرئيس المجلس أو اعضاءه وكذلك الوزراء السابقين اعضاء المجلس الحالي فهم ايضا يتقاضون تقاعد وزير اضافة للمكافاة البالغ مقدراها 3200 دينار .
وبالنسبة لمجلس النواب فإن رئيسه الذي كان عضوا في مجلس النواب الخامس عشر المهندس عاطف الطراونة يتقاضى حاليا المخصصات المحددة لرئيس المجلس اضافة الى راتب تقاعدي استحقه ابان عضويته في المجلس الخامس عشر وكذلك هو الأمر بالنسبة لكل لرؤساء مجلس النواب السابقين كلا من المهندس عبد الهادي المجالي والمهندس سعد هايل السرور والمحامي عبد الكريم الدغمي فهم ايضا يتقاضون رواتب تقاعدية عن اشغالهم المنصب سابقا بالاضافة الى تقاضيهم المكافاة المقررة لكل نائب في الدورة الحالية البالغ مقدارها 3200 دينار وكذلك هو الامر بالنسبة لباقي نواب الدورة الحالية ممن كانوا اعضاء في الدورة الخامسة عشر أو سبق لهم وقبل دخولهم المجلس الحالي ان تولوا حقائب وزارية أو مناصب عليا في الدولة مدنية كانت ام عسكرية فهم أيضا يتقاضون رواتب تقاعدية عن عملهم السابق اضافة الى المكافاة .
بتقديري ان القنبلة الانشطارية وفق التعديلات التي اقرها مجلس الأمة تمثلت بتقاعد عضو مجلس الامة ( عين ونائب ) ليتم احتساب تقاعدهم على اساس الراتب الاساسي للوزير والذي فيه استفزاز للمواطنين بكونهم غير مطلعين على حقيقة ما يحصل عليه اعضاء مجلس الأمة الان وما سيحصلون بوجود تشريع يمنع الجمع بين الراتب التقاعدي والمكافاة .
أمام اعضاء ( الأمة ) خيار واحد وامام الشعب خياران للخروج من الأزمة التي احدثها القرار ويتمثل خيار مجلس الأمة باعادة النظر في التعديلات التي اقرها وبحيث يتم انجاز قانون يمنع الجمع بين راتبين ( التقاعد والمكافاة ) ويمنع حصولهم وحصول الوزراء على تقاعد دون خدمة لا تقل عن عشر سنوات فيما امام الشعب ترك الأمر لجلالة الملك الذي عودهم الاصطفاف الى جانب المصلحة العليا للوطن أو النزول الى الشارع للمطالبة بحل المجلس واجراء انتخابات مبكرة حتى وان تمت وفق القانون الحالي أو بقانون مؤقت .