أرقام للمقارنة وبيان مدى الخلل في تقاعدات نوابنا..

عمون - د. عبد الرؤوف ربابعة * - الراتب التقاعدي حق لكل عامل مهما كانت طبيعة عمله، ولكن الحصول على هذا الراتب يكون محكوما بشروط معينة تعتمد بشكل أساسي على عاملي العمر ومدة الخدمة، ولا يجوز أن تستثنى أي فئة داخل المجتمع من هذين الشرطين أو أحدهما.

في الولايات المتحدة الأمريكية (الدولة الغنية وذات النظام الإداري المتطور) يحصل عضو الكونجرس على راتب تقاعدي وفقا لما يلي:

- إذا تجاوز عمره 62 عاما وكانت له خدمة 5 سنوات على الأقل.
- إذا تجاوز عمره 50 عاما وكانت خدمته 20 سنة على الأقل.
- إذا تجاوزت خدمته 25 عاما مهما كان عمره.

.
من هذه الشروط يتضح كيف راعى المشرع الأمريكي تحقيق العدالة الاجتماعية، فمجرد أن يصبح الشخص عضوا في الكونجرس لن يكون صاحب حق في الحصول على تقاعد إلا اذا كان عمرك فوق 62 سنة، أي أنه دخل في مرحلة الشيخوخة، وحتى دخول مرحلة الشيخوخة وحده لا يكفي إذ يجب أن تكون له خدمة فعلية 5 سنوات على الأقل، أما ما دام الشخص دون هذا السن فإنه لن يحصل على تقاعد إلا إذا كانت خدمته كعضو كونجرس فوق عشرين سنة، وإن كان عمره دون الخمسين فيجب أن تكون خدمته كعضو كونجرس أكثر من 25 سنة.

.
بالنظر إلى هذا التطبيق يتضح لنا حجم الإنحراف الشديد عن مبادئ العدالة الاجتماعية الذي اقترفه نوابنا بحق ناخبيهم عندما شرعوا لأنفسهم الحصول على تقاعد لمدى الحياة مهما كان عمر النائب مشترطين فقط وجود خدمة 7 سنوات وليس بالضرورة أن تكون في مجلس النواب بل في أي وظيفة أخرى.

ولنأتي الآن إلى الجانب المالي حيث تبين الأرقام أنه لغاية الأول من اكتوبر عام 2013 يوجد في أمريكا 617 عضو كونجرس متقاعد، وهم على فئتين فئة تقاعدت على نظام تم استبداله بنظام آخر تقاعدت بموجبه الفئة الثانية، وقد تقاعد على النظام الأول 367 عضوا كان متوسط الراتب التقاعدي لهم 71.664 دولار في السنة أي 5972 دولار شهريا، اما الفئة الثانية (القانون الجديد) والبالغ عددهم 250 شخص فبلغ متوسط الراتب التقاعدي لهم 42.048 دولار سنويا اي 3504 دولار شهريا وهو ما يعادل 2487 دينار أردني.

.
إن أي متقاعد من الكونجرس الأمريكي الآن وبعد أن يمضي خدمة تفوق ال 25 عاما كعضو في الكونجرس سيحصل على راتب تقاعدي يقل عن 2500 دينار أردني في حين سيحصل النائب الأردني حتى لو كان شابا في الثلاثينات من عمره على تقاعد يزيد عن ثلاثة الآف دينار مدى الحياة.

.
وأخيرا فإن فاتورة تقاعدات أعضاء الكونجرس الأمريكي لا تتجاوز ال 37 مليون دولار سنويا أي ما يعادل حوالي 26 مليون دينار أردني (سنويا) وهو رقم أكثر من تافه قياسا بالموازنة الأمريكية وهو ناتج عن ضبط صحيح لاستحقاقات التقاعد، في حين أن كلفة التقاعدات النيابية عندنا قد تتجاوز العشر ملايين دينار وهو رقم أكثر من مهم قياسا بموازنتنا المتواضعة، ويكفي أن ننظر إلى هذه الفروقات لنرى حجم الجريمة التي تم ارتكابها بحق الوطن والمال العام، ففيها ما يغني عن التعليق سيما ونحن نقارن أنفسنا بامبراطورية إقتصادية عظمى.

* دكتور في تخصص المالية.

abdrf@yahoo.com