منذ ذاك الايلول لم يعد ايلول العرب «ذيله مبلول». القمح مات والحصاد ارواح والبلل دم . السر في عهدة العدم ،البرجان لم ينهارا بل كانا اشارة البدء لانهيار العرب حارة حارة، طائفة طائفة، زنقة زنقة، نظاماً نظاماً و..دولة دولة !
كان المشهد اشبه بفيلم هوليوودي، بل هو كذلك .
يومها، 11 سبتمبر 2001 لم يصدق احد ما يرى حتى ان ثمة من كذب عينيه.عمل متقن، تصوير دقيق، بحافة احد البرجين تحتك طائرة، تدمر جزءاً محددا من المبنى، الموظفون اليهود لم يذهبوا ذاك اليوم الى مكاتبهم مع انه ليس يوم سبت .ثم طائرة اخرى فوق البنتاغون وثالثة لا ندري اين فالأهم والمتاح للتصوير وخاطف الابصار هما برجا نيويورك! المنفذون انتحاريون قلوبهم تحجرت وعقولهم كذلك بعدما غسلت بمسحوق يجعلها سوداء بلون الفتنة وتشويه الاسلام وفي ظنهم ان هذا هو الاسلام .
هناك، في ذاك اليوم ولدت جدة داعش باسم القاعدة بدعوى محاربة»الكفار «في عقر دارهم ثم فرَخت حركات ومنظمات وفرق وهي تلك التي قال عنها الرسول الكريم « «. «تفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة».
لكن الفكرة الصهيونية المنشأ و الهدف وجدت منذ فككوا الاتحادالسوفييتي العام 1991وربما اثناء الاعداد لتفكيكه بيد ميخائيل غورباتشوف السباك الفاشل الذي اراد اصلاح النظام الشمولي فخربه، بعكس النظام الصيني الذي اصلح نفسه فحكم الدولار واكتسح الاسواق الراسمالية بالصناعات المتطورة والتقليدية . غورباتشوف انتتهى الى مروِج لاعلانات البيتزا الايطالية، والاتحاد السوفييتي الى ذئب هرم متناثر الأعضاء .
والحال كذلك، كان الإعداد يجري لايجاد بديل لـ «العدو»السوفييتي فكان «العدو» الاسلامي .ومنذ ذلك اليوم بُدءَ تنفيذ المخطط الصهيوني الهادف الى محاربة الاسلام على مراحل، مرحلة تمزيق الاسلام في افغانستان، مرحلة نزع فتيل القنبلة النووية في باكستان، تدمير اقوى جيش عربي وثالث اقوى جيوش العالم، نعني العراق، تحييد بل تمييع قوة دول الطوق المحيط بالكيان الاسرائيلي .
المرحلة الحالية بدأت بخبث صهيوني من خلال ضرب المسلمين بالمسلمين والعرب بالعرب طبعاً باعتبارهم الحاضنة الاساسية للاسلام .وكان هذا هو الدور الذي انيط باول رئيس اسود ذي جذور اسلامية للولايات المتحدة الاميركية، ونذكر كيف فتحنا افواهنا بسذاجة ونحن نتغنى باسم باراك حسين اوباما !وكيف تغنى بالاسلام والمسلمين في خطابه الشهير بجامعة القاهرة في 4 حزيران يونيو 2009 .
كثيرون لم يدركوا ان ذاك الخطاب كان في ظاهره تبجيل للاسلام وفي باطنه اعلان بدء مرحلة ضرب الاسلام بالمسلمين .حينها تم الضغط على مبارك لتغيير قواعد انتخابات مجلس الشورى وفتح الابواب امام الاخوان المسلمين لاحتلال عدد كبير من مقاعد المجلس، ثم تمهيد الطريق امامهم تدريجيا الى سدة الرئاسة في مصر .ونحن هنا لا نهاجم الاخوان بل نذكِر بمن فتح لهم الطريق، وباسم « الديمقراطية « لكرسي الرئاسة في مصر .وكعادة السياسة الاميركية برفع العدو الى أعلى ثم اسقاطه من فوق ليكون السقوط مدوياً اسقطت الاخوان شر سقطة .
بنفس النهج استخدم الاسلاميون في العراق ككف طائفية تصفق مع الكف الشيعية لتضرب وحدة الشعب العراقي وصولا الى تقسيم العراق، وها هي تواصل نفس الطريق في سوريا ثم في سوريا والعراق معا من خلال احدث طبعة من الاسلام الذي اعترفت هيلاري كلنتون في كتابها الاخير انه من صنع اميركا وكان يفترض ان يطبق قبل سنوات..نعني طبعة داعش !
فهل يُعقل ان يسيطر تنظيم مجهول الاب والام على اراض في سوريا والعراق بمساحة بريطانيا حسب الخبير الاميركي بشؤون الارهاب ماثيو اولسن، ويصدر نفطا بقيمة 600 الف يورو يومياً !!
هذه هي قصة داعش الذي يبدو اسمه موسيقياً لكنها الموسيقى الجنائزية في تشييع المسلمين الى الهاوية !
(الدستور)