يقول ابن خلدون عالم الاجتماع العربي ان الانسان كائن اجتماعي (Social being) بطبعة فالإنسان لا يستطيع ان يستغني عن اخية الانسان، فلا يستطيع أنيعيش بمعزل عن الاخرين ومعنى ذلكانهسَيُقَدِمْ لأخية الانسان ما يحتاج إليه، كما أنهسيقَدَمله ما يحتاج الية، وهذا ما نقوم به ونمارسه في شتى مناحي الحياة، ففي حياتنا نتعامل ونتعرف على أشخاص نتعاملمعهم بإحساس صادقفنحرص على مصالحهم ونقوم بتوجيههم ونٌصحِهِم لما فيه الخيروالوقوف بجانبهم في أوقات الرخاءو الشدّة، وبعد وقت من الزمان وبلحظة ما،تنقلب القيم والمعاني في القلوب إلى جمود في المشاعر ونكران للجميل(Ungrateful) وبدون سبب معروف وفي لحظة معينة تنقلب كل الموازين لتتحوّل إلى نكران و تجاهل وعدم مبالاة، عندها نصاب بصدمةونتساءل كيف... ولماذا؟؟ وما هي الأسباب؟؟... فنحن لم نخطئ بحقهم ولم نسيء إليهم بل على العكس قدمنا لهم كل الخير، وبالتالينعود الى ذكرياتنا ونعمل جردةحساب.
كان رسولنا محمد عليهالصلاة والسلام أرحمالانام فقد ميزهالله بالرحمة، فليس في هذاالكون من هو أرحم منرسولنا محمدفهوخاتم الأنبياء ومتمم مكارم الأخلاق، فهو أرحم الناس باتباعه، وأحرص الناس على رعاية حقوقهم، واكثر الناس صبرا على الأذى، واعدلهموأحلمهم وأكرمهم، واكثرهم رغبةفي العفو والإحسان، فقد حث اتباعهإلى الاعتراف بالجميلوعدم نكرانه، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أعطي عطاء فوجد فليجزِ به، ومن لم يجد فليثن فإن أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر، ومن تحلى بما لم يعطه كان كلابس ثوبي زور."
إن نكران الجميل عند بنى البشر صفةقبيحة ودنيئة (Sordid)وهي دليل قاطع على دناءة في النفس، فصاحب النفسالخسيسة الجميل لديةضائع، والشكر عنده مفقود، وهو بهذا الفعليحقر المعروف الذي أسدي إليه، وعدم الوفاء لمن أحسن إليه، وقد عرف ناكر الجميل بانهلا يعترف لا بقلبة ولا بلسانه بالمعروف الذي اسدى الية منغيره، فقد حث الله سبحانه وتعالى على ان ندفع بالأحسن.قالتعالى “ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم "
ومن هنا فإن ناكر الجميل والإحسانيحمل نفس لئيمة وخسيسة، وقد صدق من قال: "ان نكرانالجميل من شيم اللئام".وقد قال بعض الحكماء: أما اللئيم فإنه لا يزيده الاحسان والمعروف إلاّ تمرَّداوخبثا ولئما،فناكر الجميل هو ذلك الانسان الذي يتصف بالجحود والتنكر للأخرين والمغالاة واللامبالاة وعدم احترام مشاعر ومواقف الآخرين (أياكانوا)، سواء من قدم له يد المساعدة او الدعم المادي او المعنوي او حتى الذين ارتبطوا معه بعشرة او مصلحة.
إن نكران الجميل والجحود من احط الصفات الإنسانية، وأرذلها لما تمثله من صفات سيئةفاللئيم شخصية جاحده لصنائع المعروف والإحسان، فالمعروف صدقة كما ذكر رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قائلاً "كل معروف صدقة " فكيف بنا برد المعروف لأهلة وشكر الناس على ما قدموه، ما أروع واحكم هذاالتوجيه النبوي الشريف في هذا السياقوهو مقابلة الاحسان بمثله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" من أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا الله له حتى تعلموا أن قد كافأتموه"
أخي القارئ ان نكران الجميل له صفات ووجوه. فناكر الجميل هو عبد للذات (servile) ولا يعنيه الامر إذا تنكر لوطنه او لأهلة او لأصدقائه او لوالدية او لأي طرف اسدى الية معروفا فالأمر عنده سيان، فالبعض تنكر لوطنه بعد ان أغدق علية كل خير فعاث به فسادا وباعة للأعداء بثمن بخس، والبعضالاخر تنكر لوالدية بعد ان أغدقاعلية كل عطف ومحبة وربياه صغيرا وحرمواأنفسهمكل متعة وسعادة ليسبغوها علية وفى بعض الحالات اودعهم دور رعاية المسنين،والبعض تنكر لزملائه وأصدقائه وباعهم بثمن بخس نتيجة لمصالح شخصية تافهة وصدق من قال اتقى شر من احسنت الية.