الرفاعي يعارض منح التقاعد لأعضاء "الامة"
11-09-2014 05:44 PM
** تطبيق القانون بأثرٍ رجعي ، سيشكّل سابقةً خطيرة ..
عمون - عارض رئيس الوزراء الاسبق العين سمير الرفاعي منح التقاعد لأعضاء مجلس الامة من اعيان ونواب.
وبرر الرفاعي معارضته خلال جلسة مجلس الامة التي التأمت صباح الخميس للنظر في قانون التقاعد المدني والذي اقر فيه تقاعدا لأعضائه مدى الحياة بالقول أن "لعضو مجلس الأمه الحق بممارسة أي عمل آخر غير عضويته في المجلس، وله أن يشتركَ في الأعمال المهنية والتجارية والمالية".
وأضاف الرفاعي الذي صوت ضد المشروع أن العين والنائب "مقابل عضويته في مجلس الأمة ، يتقاضي مخصصات (حسب المادة 52 من الدستور)"، منتقداً تسميتها راتباً قائلا "والتي اصبحت – لسبب لا أعرفهُ – تُعتبر راتبا ً".
وبين " يقوم النائب في الوقت ذاته بممارسةِ أي عملٍ مالي أو تجاري".
ولفت الى أن النائب يتقاضى راتبا تقاعديا عن خدماته السابقة في أجهزة الدولة ، يجمعه مع مخصصاته – أو راتبهِ -، وخلُص الرفاعي " وعليه فإن عضو مجلس الأمة ليس متفرغاً لعمله في المجلس ، ويتقاضى راتبا تقاعدياً في نفس الوقت ، بالإضافةِ إلى أعماله المالية والتجارية الأُخرى".
وكانت حكومة الرفاعي ألغت إمتيازات التقاعد للنواب من خلال قانون مؤقت أصدرته أواسط العام 2010 م قبيل إنتخابات البرلمان السادس عشر رافقها إلغاء قرارات الإعفاءات الجمركية الخاصة بسيارات أعضاء مجلسي الأعيان والنواب.
ولم يوافق مجلس الامة على القانون المؤقت وابطله إلا أن ارادة ملكية صدرت برفض الابطال، قبل أن يحث جلالته الحكومة وقتها على إعداد دراسة شاملة لموضوع التقاعد المدني .
وتاليا نص المداخلة:
سيدي دولة الرئيس،
أرجوا بدايةً أن أعبِّرَ عن فائق احترامي وعظيم تقديري للرئاسةِ الجليلة ، ولزملائي وزميلاتي أعضاءُ مجلس الأمة ، الحاليينَ والسابقين ، مُؤكداً أن الرأي الذي أرجوا أن أُطرحُهُ أمامكم ، لا ينتقِصُ من احترامي وتقديري للأخوات والإخوة الأعضاء الأفاضل ، واعتزازي بزمالتهم ، لا من قريب ولا من بعيد.
إنَّ المادة (44) من الدستور تمنعُ الوزير من القيامِ بأي عملٍ خاص. فالوزير لا يستطيع أن يشتركَ في أي عملٍ تجاريٍ أو ماليّ ، أو أن يتقاضى راتباً من أيةِ شركة. بمعنى آخر، فإنَّ الوزير متقرغ كلياً لعملهِ كوزير. ولأنه يتقاضى راتبهُ من الخزينة العامة فلا يجوزُ له أن يتقاضى راتباً تقاعدياً الا بعد انتهاءِ عملهِ كوزير.
أما عضو مجلس الأمه ، فله ُ ، بالإضافة إلى عضويته في المجلس ، أن يُمارس أي عمل آخر وأن يشتركَ في الأعمال المهنية والتجارية والمالية. ومقابل عضويته في مجلس الأمة ، يتقاضي العضو مخصصات (المادة 52 من الدستور) والتي أصبحت – لسبب لا أعرفهُ – تُعتبر راتبا ً- ويقوم في الوقت ذاته بممارسةِ أي عملٍ مالي أو تجاري. ويضاف إلى ذلك فإنه يتقاضى راتبا تقاعديا عن خدماته السابقة في أجهزة الدولة ، يجمعه مع مخصصاته – أو راتبهِ إن شئتم - . وعليه فإن عضو مجلس الأمة ليس متفرغاً لعمله في المجلس ، ويتقاضى راتبا تقاعدياً في نفس الوقت ، بالإضافةِ إلى أعماله المالية والتجارية الأُخرى.
وبعدَ ذلك كلِّه ، تُطلَبُ المساوة بين راتب الوزير وراتب عضو مجلس الأمة ؟ في رأي المُتواضع ، فإنَّ هذا المطلب غير منطقي ، وغير عادل ، وغير مناسب مضموناً وتوقيتاً.
وبالإضافةِ إلى ذلك ، فأني أعتقد أن تطبيق القانون بأثرٍ رجعي ، سيشكّل سابقةً خطيرة ويَفتحُ الباب أمام مُطالباتٍ مماثلة لا حَصرَ لها ، ويُحمِّلُ الخزينة نفقاتٍ إضافية غير مُتاحة أصلاً.
لهذه الأسباب ، ولغيرها مما لا مجالَ لذكرها في هذه الجلسة ، فإني سأصوتُ ضدِّ مشروع القانون المعروضِ على المجلس الكريم.
شكرا سيدي الرئيس،
قصة القانون :
بدأت قصة قانون تقاعد النواب - بحسب رصد ومتابعة عمون - قبل انتخابات البرلمان السادس عشر أوساط العام 2010 م ، حيث اقدمت حكومة سمير الرفاعي وأثناء غياب البرلمان على إصدار قانون مؤقت (رقم 10 لسنة 2010 المعدل لقانون التقاعد المدني رقم 34 لسنة 1959) يحظر التقاعد على اعضاء السلطة التشريعية.
وقضى القانون بمنع النواب والاعيان الحصول على تقاعد بعد انتهاء مدة خدمتهم والاكتفاء بمكافآت شهرية تصرف لهم نهاية كل شهر خلال فترة عضويتهم في البرلمان.
وطبق القرار على أعضاء المجلس السادس العشر المنحل، إلا أن مجلس الأمة بشقيه (الأعيان والنواب - المجلس السادس عشر- ) رفضا القانون المؤقت في جلسة مشتركة عقدت بتاريخ 24 نيسان 2012 ، ما أدى إلى قيام حكومة فايز الطراونة بابطاله في تاريخ 15 / 5 / 2012.
الملك كان له رأي آخر فاصدر ارادة ملكية بتاريخ 19 / 11 /2012 تخالف توجهات الحكومة ومجلس الأمة ورفضت الموافقة على اعلان بطلان القانون المؤقت، وجاء الاعلان الملكي في أعقاب اسابيع قليلة من حل مجلس النواب السادس عشر.
ووجه الملك في نفس اليوم رسالة مطولة الى حكومة عبد الله النسور طالبها "بإعداد دراسة شاملة لموضوع التقاعد المدني بما يضمن عدم استغلال هذا التشريع لتمرير مكتسبات تقاعدية ومالية غير عادلة، لا تراعي الصالح العام".
مع انطلاقة مجلس النواب الحالي (السابع عشر) رأى مجلس النواب أن الارادة الملكية الرافضة لبطلان القانون تشوبها مخالفة دستورية، فصوت البرلمان بتاريخ 13 / 2 / 2013 م على استفتاء المحكمة الدستورية حوله بهدف "اجلاء واتقاء الشبهة الدستورية" بحسب ما اعلن حينها رئيس مجلس النواب سعد هايل السرور.
الوزير الاسبق والنائب المخضرم عبد الكريم الدغمي حث النواب على توجيه سؤال حول دستورية معاملة القانون المؤقت كالقانون العادي، وإن كان هذا الامر يطبق أم المادة (94) من الدستور .
من جهتها اصدرت المحكمة الدستورية قراراً بتاريخ 23 / 7 / 2013م تؤكد فيه " انه لا يجوز معاملة القانون المؤقت في هذه الحالة اذا تم رفضه من قبل مجلس الامة معاملة القانون العادي (حسب الدستور) لان علاقة المجلس بالقانون المؤقت قد انقطعت ويبقى القانون ساري المفعول خلافا للوضع مع القوانين العادية".
وبررت المحكمة قرارها " لان المشرع الدستوري لم ياخذ بمبدأ التعامل مع القانون في حالة رفضه لحالة محددة نصا في المادة 93 من الدستور ولم يفعل الشيء ذاته مع القانون المؤقت نظرا للطبيعة الخاصة له باعتباره مختلفا في وضعه عن السياق العام للقوانين .. ولو كان المشرع قد شاء ذلك لفعل والقاعدة القانونية في التفسير تقول: (ان الاختلاف في العلة يمنع من التشريك في الحكم ).
ورأت المحكمة ان القانون المؤقت يتساوى مع مشروع القانون العادي في حالة اقراره او تعديله للمصادقة عليه، والامر باصداره ولايتساوى مع القانون العادي في حالة رده من مجلس الامة وعدم موافقة الملك على اعلان بطلانه .
وقالت المحكمة ان عدم موافقة الملك على اعلان بطلان القانون المؤقت (الذي منح النواب رواتب تقاعدية) مرفقة باسباب ومبررات الرفض في كتاب موجه الى رئيس الوزراء يتضمن توجيها الى الحكومة بوضع مشروع قانون جديد يتولى تنظيم جميع المسائل المتعلقة بتقاعد السلطات الثلاث والاشارة الى اعداد دراسة شاملة لموضوع التقاعد المدني بابعادة المختلفة تتوخى فيه العدالة والشفافية والموضوعية، ويعالج التشوهات التي سببتها مجموعة التعديلات التي ادخلت على القانون الحالي على مدار العقود السابقة .
الحكومة بعد هذا القرار تقدمت بمشروع قانون جديد ادخلت اللجنة القانونية تعديلات عليه وعرضتها على مجلس النواب الذي وافق عليها واختلف مع الاعيان في بعض النقاط حيث وصلا الى جلسة مشتركة عقدت الخميس 11 / 9 / 2014