ثلاث إشارات من ثلاث سلطات وفي ثلاثة أسابيع كلها اتجهت بغير الوجهة التي يأملها سيد البلاد لصحافة وطنية سقفها عنان السماء.
من نواب الشعب خرجت إشارة وسبقتها أخرى بنفس الروح من اروقة السلطة التنفيذية لتأتي الإشارة الثالثة من لدن ميزان العدالة.
صدر قرار بحبس خمسة صحافيين بينهم رئيسا تحرير في سابقة لا ينبغي تجاوزها هكذا لكونها تعطي إشارة سلبية على طبيعة الأجواء العامة تجاه الإعلام في هذه المرحلة.
وقبل مدة تبرع برلماني بتسريب معلومة عن عزم المكتب الدائم في المجلس النيابي منع الصحافة من تغطية جلساته، ورغم ما جرى من نفي لها لاحقا، إلا أنها تدلل على مؤشر لدى المزاج النيابي.
وقبل ذلك صدر تعميم حكومي يمنع تسريب المعلومات إلى الصحافة ورغم ما تبع ذلك التعميم من توضيحات على لسان وزير الشؤون الإعلامية إلا أن ذلك يعد بمثابة المؤشر على المزاج الرسمي.
الانكى أن القراءة تتراجع كأولوية إلى أسفل قائمة اهتمامات المواطن بعد موجة الغلاء الأخيرة والمواطن محق في ذلك فالبصل أضحى أهم بكثير من الكتاب أو الجريدة ، وامتلاء ارفف المطابخ في البيوت أكثر أهمية بكثير من وجود مكتبة منزلية، والسبب بسيط إذ لا يمكن القراءة على معدة خاوية .
في ظل هذا المشهد لم تعد عملية سريان المعلومات بين الناس، في معظمها، تأخذ طريقها عبر القنوات الإعلامية المتعارف عليها إذ ربما تعززت أساليب الاتصال الوجاهية كبديل عن التقنيات الحديثة ، وفي هذه الحال تنتعش الإشاعة على حساب المعلومة، وتنمو الثقافة الشعبية التي لا تنتج وعيا مطابقا على حساب الشفافية.
الغلاء لا يؤثر على الوضع الصحي والتعليمي والمعاشي فقط بل وعلى المستوى المعرفي الذي يتضرر كثيرا بحيث يصبح اقتناء كتاب ترفا غير مبرر ويدلل على جهل فاضح بما ينبغي أن تكون علية الاولويات لدى الفرد والأسرة.
القصة ليست قصة تضامن مع زملاء من عدمه بل اخطر من ذلك بكثير حيث تبدو الصحافة برمتها اقل شأنا في عيون الناس، مسؤولين و غير مسؤولين والفاقة الاقتصادية تنعكس فاقة معرفية وانعزالا عن الاهتمام بالشأن العام وفوق ذلك يقولون كلام جرايد وكأن ثقافة الورق المطبوع لم تعد ثقافة سائدة لدى امة أقدس أقداسها نص محفوظ في الصدور منذ أربعة عشر قرنا ويزيد..
amizobaidi@gmail.com
عن الراي.