في البحث عن الأردنية الضائعة… إحياء مؤتمر أم قيس نموذجا
د. عامر السبايلة
11-09-2014 03:33 AM
كثيرة هي الاشارات التي يمكن رصدها مؤخرا لدى فئة واسعة من الشباب الاردني باعتبارها تعبيرات حقيقية عن رغبات ساكنة في نفوس الكثيرين لتجاوز حالات الاغتراب المجتمعي وضياع الهوية الناتجة عن سياسات طويلة الامد في شكل ادارة الدولة وطريقة بناء المجتمع الاردني. من الممكن ايضا قراءة هذه التحركات على انها تعبير واضح عن حالة من عطش البحث عن الهوية في قصاصات التاريخ ومحطات ما تيسر الحصول عليه من الرواية التاريخية الاردنية.
هذه الفئة من الشباب الاردني الوفي والمخلص لتاريخ ارضه زعاماته الغائبة جسدا والحاضرة روحا تحاول اليوم استحضار الماضي واسقاطه على الحاضر المعاصر في اطار السعي لانجاز مشروع وطني مستقبلي يلبي طموحات هؤلاء الشباب، ويروي عطش رغبتهم ببلورة هويتهم الوطنية المعاصرة باعتبارها اساسا للمواطنة الحقة والانتماء الحقيقي.
من هنا لا يمكن اعتبار احياء الشباب الاردني لذكرى مؤتمر ام قيس حدثا عابرا كما يريد ان يشخصه الكثيرون، او احدى المحاولات المستهلكة للتعبير والمناكفة على حد تعبيرات بعض المسؤولين محدودي الفكر.
الحقيقة ان الفكرة الاساسية التي يجب احترامها وتقديرها تكمن في ان المناخ الاردني الجديد يظهر ان هناك من يسعى جاهدا لايجاد ركائز حقيقية لمشروع وطني يعوض من خلاله كثيرا من التقصير الذي واكب عملية صياغة مشروع وطني اردني حقيقي قادر على التعبير عن الاردن والاردنيين ويقدم رؤية حقيقية لادارة الدولة بعيدا عن حالات الارتهان السياسي و التركيع الاقتصادي.
العطش الاردني للماضي الغائب والتعطش للمستقبل القادم هو المحرك الاساسي اليوم لفئة كبيرة تسعى لاستعادة اردنيتها وتحرير هويتها من فكرة الارتهان والتشويه.
التحديات الكبيرة القادمة هي التي تدفع بجيل واسع من الشباب اليوم للاصرار على التعبير عن ذاتهم بصفتهم حالة تراكمية للمشروع الوطني الاردني المنقطع من جراء عدة عوامل تاريخية وسياسية. الجميع اليوم بحاجة لظهور مشروعات وطنية حقيقية قادرة على تفجير مشاعر الاردنيين الوطنية، وتوظيف الكفاءات الاردنية ضمن رؤى استراتيجية حقيقية وواقعية في المجالات التعليمية والزراعية والصناعية والخدماتية كافة.
ترجمة هذه الافكار الى مشروعات وطنية اردنية على الارض باتت ضرورة اساسية لا مفر منها خصوصا مع تسارع حركة التغيير في السياسة العالمية وانعكاساتها الاقليمية.
لهذا لا بد اليوم من توفير المناخات الملائمة لمثل هذه المشروعات لتتحول الى حواضن فكرية للاردنيين يعبروا من خلالها عن رغباتهم وآمالهم ونواجه من خلالها موجات التطرف السائدة والقادمة إلى المنطقة خصوصا مع تعاظم اخطار تفكيك الدول.
(العرب اليوم)