يوم حزين في السلطة القضائية
المحامي محمد الصبيحي
10-09-2014 09:27 PM
كان السادة القضاة يبنون أمالا عريضة على مجلس النواب في مناقشاته لمشروع قانون أستقلال القضاء , وكان الحراك القضائي متفائلا بتعزيز حصانة القاضي وأمنه الوظيفي . ولكنني كنت واثقا أن ما تريده الحكومة أمر منزل وان ثارت فرقعات هنا وهناك .
وهذا لا ينفي أنه كان هناك بين السادة النواب من يدرك الابعاد المستقبلية لتحصين القضاء من التدخل والتعسف , وناضلوا في سبيل هذا الهدف النبيل الا أن ديمقراطية التصويت لا تاتي بالضرورة بما هو صحيح
ويدرك نواب ومحامون وقضاة ورجال سياسة وفكر أن حجر سنمار في بناء الدولة أي دولة هو القضاء وأن هذا الحجر يجب أن يكون صلدا محصنا راسخا في مكانه , ولكن ما جرى في مجلس النواب ترك هذا الحجر عاريا وعرضة للعبث والتعسف بما ينذر بتراجع القضاء الاردني وأهتزاز القرارات القضائية والتردد والخوف من الاجتهاد ومواجهة التعدي على الحقوق بحزم وجرأة وعدالة .
ان – مربط الفرس – كما يقول الاجداد – في قانون أستقلال القضاء هو حصانة القاضي - المادة 17 - وحصانة أعضاء المجلس القضائي من النقل والاحالة الى التقاعد الا في حالات محددة بدقة بنص القانون , وقد كان هدف من أقترحوا أنتخاب عدد من أعضاء المجلس القضائي هو تعزيز تلك الحصانة وكان هدف المعارضين حماية القضاء من سلبيات الانتخابات ولكن ما حدث وسيحدث أن السادة النواب لم يمنحوا الحصانة للقاضي وسيتراجعون عن موافقتهم على الانتخاب , وبهذا يكون القانون الجديد يحمل الحداثة في أسمه فقط أما في مضمونه فلم يقدم ان لم يؤخر .
لقد وصف عدد من السادة القضاة مناقشات الثلاثاء في مجلس النواب بأنها ( يوم حزين في تاريخ القضاء الاردني ) وأنا أضيف بأنها كارثة حلت بالنظام القضائي الاردني فالدولة التي تتطور والمجتمع الذي ينمو والفساد الذي ينتشر لا يمكن مواجهته الا بقضاء مستقل وقضاة يشعرون بالامن الوظيفي التام , قضاء تهابه السلطة التنفيذية وتمتثل لأمره ولا تجازف بالالتفاف على قراراته , ونيابة عامة قادرة دون وجل أو خوف على محاسبة الصغير والكبير .
ان السؤال المحير لماذا يتكاثر الذين لا يريدون سلطة قضائية قوية وقضاة مستقلون ؟؟ من هم الذين يتحركون من وراء ستار لأبقاء القضاء الاردني في مهب رياح السلطة التتنفيذية وغيرها ؟؟ قصر نظر أم مصالح أم خوف ورعب من الحساب والعقاب ؟؟
أيها السادة اذا غابت العدالة أنتشرالظلم وغابت شمس الدولة , واذا حضرت العدالة نهضت الدولة و تراجعت الجريمة وأزدهر الاقتصاد وتراجع التوتر المجتمعي وتحصن المجتمع من الانفجار .
ان مؤشرات غياب العدالة في المجتمع واضحة وضوح الشمس في كل مجال , ومظاهر تحصيل الحقوق بالايدي تتكرر كل يوم , والاحباط من الانصاف عم وأنتشر في ظل تغييب القضاء الاردني عن أداء دوره الكامل الفاعل , واحترام القوانين أصبح في خبر كان , وأصبح الساح للقوي المسنود أما الضعيف والغريب فلا يملك الا قول ( حسبي الله ونعم الوكيل )
ثمة ضوء شمعة في نهاية النفق أن يتدارك السادة النواب المادة 17 عند التصويت على مجمل مشروع القانون باعادة صياغتها وفق المشروع المقترح الذي قدمه حشد قضاة المملكة ..