عمون - الجبنة في بلدنا منتج مجهول الهوية..لا وجود لها على موائد غالبية السكان فنحن لسنا فرنسيون ولا دنماركيون...كما ان بداوتنا تغوق السوريون و تتجاوز الاتراك بكثير.
لا يستطيع الكثيرين منا التمييز بين نوع واخر...حتى الجبنة البلدية لم تكن معروفة للكثير من العائلات الا حديثا....في طفولتنا كانت الامهات يحرصن على تقطيع معدة بعض صغار المواليد من الخراف والماعز وتجفيفها ليستخدمها الرعاة منا عندما يكسرون الضجر باستخدام المساة وتذويبها في الحليب لتحويله الى جبن....كنت افضل اضافة المادة البيضاء الناتجة عن قطع حبات التين غير الناضجة"شرى الزقيط" فقد كان بمقدور بضع قطرات من لبن التين ان تحول الحليب الى جبن بسرعة مذهلة.المشكلة في لبن التين انه لا يتوفر الا في حزيران وتموز...وغالبا ما يخلف مذاقا مرا في مصل الجبن.
البعض يعرف الجبنة بالاستخدام فيقال جبنة كنافة او جبنة قطايف...في المؤسسات الاستهلاكية كانت الجبنة اما صفراء واما بيضاء...بعد افتتاح مصانع لها اصبحت جبنة المثلثات او المربعات...واحيانا جبنة الباكيتات ..او جبنة التنك...
قبل عشرات السنين كنا نتعلم الادارة العسكرية في معاهد الشرطة وكان يملي علينا الضابط الفهيم الذي حفظ محتوى الكراس الشامل لاستحقاقات الافراد في القوات المسلحة من الارزاق...وعند مروره على مادة الجبنة لم يذكر لها صنفا بل قال بثقة عالية جبنة بالباكيت ..حيث كان استحقاق الفرد في الوجبة الواحدة ثلاثون غراما....
جبنة الباكيت غير معروفة المنشأ او نسبة الدسم او حتى كيف تؤكل قبل او بعد الفطار.. مع او بدون الخبز ..تلتهم مرة واحدة ام توزع قطعا على كمية الخبز المستهلك...
قضيتنا مع الجبن لا تختلف عن السمك الذي هو لمعظم اهلنا برأس او بدون رأس وهو مجمد دائما.
اليوم اصبح الجبن اكثر انتشارا في اسواقنا والسوبرماركتات الكبرى...لكن المستهلك بقي يخمن حول نوعيته وجودته فمعرفته بانواعها محدودة..
واقصى ما يمكن ان يسعفه للاستدلال على الجودة هو السعر...كأن يقول ابو الدينار..او ام الخمس ليرات ...
في فرنسا تستهل وجبتك بالزبدة والخبز وتنهيها بتذوق عشرة انواع من الجبن..قد يعلو العفن بعض ما يعتبره الغرنسيون اجودها.....
في علاقننا مع الجبن يكتفي البعض منا بترديد المقطع القائل "خدك يا قرص الجبنه...يفطر عليه الصايم ...وبالليل يا عيني بالليل".