اللافت في تطورات المالية العامة هذا العام أن العجز قبل المساعدات أفضل حالا منه بعد المساعدات، بالمقارنة مع الأرقام المعلنة للسنة المنقضية 2013.
للتوضيح، انخفض عجز الموازنة قبل المساعدات للنصف الأول من عام 2014 بنحو 100 مليون دينار، بينما ارتفع العجز بعد المساعدات بنحو 50 مليون دينار للفترة الزمنية ذاتها.
بمعنى أن ما حققته خزينة الدولة من عوائد استثنائية بغية تخفيض عجز الموازنة هذا العام، قد تآكل نتيجة انخفاض قيمة المساعدات الخارجية المقدمة للخزينة.
انخفاض هذه المساعدات بلغ نحو 142 مليون دينار للنصف الأول من العام، وهو ناتج بالدرجة الأولى عن تأخر المنح العربية المعتادة للفترة نفسها والموجهة مباشرة لرفد الخزينة وتقليص معدلات العجز.
لانخفاض حجم المساعدات أيضا سبب آخر، هو النمو البطيء في الانفاق الرأسمالي المفترض تمويله من منحة مجلس التعاون الخليجي.
فعلى الرغم من اقرار الموازنة مبكرا هذا العام، واستقرار الوضع العام للحكومة مقارنة بالسنة الماضية، لم يرتفع الانفاق الرأسمالي للحكومة بأكثر من 60 مليون دينار خلال النصف الأول من عام 2014.
التساؤل الأبرز هنا يدور حول سبب النمو البطيء للإنفاق الرأسمالي، وما اذا كان السبب يخص البيروقراطية الحكومية أم التشدد في الموافقات الخليجية على المشروعات المزمعة.
على كل الأحوال، لا يبدوا التأخر في المساعدات الخارجية مريحا، خصوصا في ظل الأعباء الملقاة على كاهل الأردن نتيجة تبعات اللجوء السوري والمصاريف العسكرية المتعاظمة بسبب الأوضاع المقلقة على الأرض في العراق وسورية.
التباطؤ في المنح المقدمة للأردن يترافق مع رسالة نوايا شراء الغاز الاسرائيلي، ومجموعة التعديلات الدستورية الأخيرة، وأيضا التحركات الاقليمية والدولية لحشد تحالف عالمي لمواجهة الارهاب في المنطقة.
يبدوا أن السياسة بدأت تطغى على الاقتصاد، خصوصا مع اخفاق برنامج الاصلاح المالي في مواجهة معطيات سياسية وفورة سكانية اختصرت عشرات الأعوام في عامين ونيف.
لا يعني هذا بكل تأكيد استكانة الحكومة للمعطيات السياسية وتجاهل الاقتصاد، خصوصا أن أسوأ السيناريوهـــــــات يحـــــــتاج من الاقتصاد الاردني خلال السنوات المقبلة عبور مرحلة حرجة كتلك التي تعامل معها في عام 2012.
(العرب اليوم)