في معرض الكتاب تجد لمعظم من كانت لهم تجربة في العمل السياسي او من كانوا قريبين من أصحاب القرار مؤلفات قيمة تلخص التجربة، وتضع امام القارئ بعضا من النظريات والحقائق والشواهد التي تثري المخزون الفكري للقارئ العربي !!
إلا رجال الدولة في بلدنا، لا تجد لهم تجربة، ولا رواية، ولا بيت شعر، ولا قصة قصيرة، ولا حتى كتابا عن كيفية تقليم
"الأظافر" ؟!!
بصراحة نعتب على هذه النخبة الوطنية التي تولت مناصب الدولة العليا أبًا عن جد ان لا يكون لهم أي مؤلفات تستفيد منها الاجيال العربية المتعاقبة، كون لهم "هبشات" و"رفعات" و"تزبيطات" لم يشهد لها مثيل التاريخ العربي المعاصر !
لماذا مثلا لا يكون لاحد أصحاب الدولة رواية بعنوان "100 يوم من التزبيط" .. كون دولة الرئيس في اول 100 يوم عمل له في رئاسة الوزراء عين من أقاربه ومعارفه وأنسبائه ما تجاوز اعداد ضحايا الحرب العالمية الاولى.. وطالما ان المكتبة العالمية غنية بمئات الروايات عن مآسي الحرب العالمية الاولى كان الاجدر بهذا الرئيس ان يثري المكتبة الوطنية ولو برواية يتيمة عن مآسي الحكومة الاولى له !!
أحد أصحاب المعالي كان امامه فرصة تاريخية بأن يحلق لـ "شكسبير"، وان يتربع على عرش أكثر الروايات مبيعا في العالم لو كتب لنا رواية بعنوان "ذهب مع الخصخصة"، أو رواية بعنوان "المقدرات في زمن المليارات"، أو رواية بعنوان "وزير فوق القانون"، أخ.. لو جمع تجربته الفذة في الخصخصة في كتاب تحت عنوان "أسهل عشرة طرق لبيع الوطن" ستجد بعدها أن مطار لندن أصبح ملكا للفرنسيين، وشركة اتصالات النرويج أصبحت ملكا للايطاليين، وميناء "ميامي" أصبح ملكا للروس، وشركة "مرسيدس" تعاني من عجز مالي يقدر بـ 500 مليون دولار وأصحابها يفكرون ببيعها لشركة "كيا" !!
في إحدى الحكومات تم اختيار الوزراء، ومن ثم تم اختيار الرئيس، وتعرفوا إلى بعضهم بعضا فقط لحظة حلفان اليمين .. يا الله لو كتب لنا دولته رواية بعنوان "الرئيس المجهول" يصف لنا فيها أدق التفاصيل، وكيف بكى وزير الزراعة آنذاك حين تفاجأ لحظة حلفان اليمين أن الرئيس هو زميل الدراسة في الصف الرابع "ب"، وبعد ان تفرقا دهرا من الزمن عادت الايام وجمعتهما في حكومة واحدة.. صدقوني أبرز دور السينما العالمية ستتسابق لتحويل الرواية الى فيلم سينمائي لما فيها من لحظات مؤثرة جدا ستهز مشاعر كل سكان القارات !!
أحد رجال الدولة أثناء تجربته في السلطة أبدع حقيقة في روايات "الرعب والخيال"، ويا ليته يكتب لنا رواية عن "الانهيار" ، صحيح ان نصف سكان العالم عندما يبدأون بقراءة الرواية سيصابون بالتبول اللا إرادي لما فيها من احداث وأرقام مفجعة، الا أنهم في النهاية سيسعدون كثيرا حين يكتشفون ان "الانهيار" ما هو الا كابوس قد جاء لمؤلف الرواية بعد أن أكل "منسفا" ونام "متكشفا" ، وبعد أن "فاق" من نومته اكتشف "الاخ" أن الانهيار سببه لحم الخروف المدهن، وليس الوضع المالي الراهن ؟!!
أحد رؤساء الوزراء طوال وجوده في الرئاسة كان "يبتسم" رغم ان المصاعب المحلية والنزاعات الاقليمية والدولية كانت جميعها في عهده لا تبشر بالخير، ومع ذلك كانت الابتسامة لا تفارق وجهه، فياليته يفصح لنا عن سر الابتسامة في رواية عنوانها "ضحكة الرؤساء في وجه البؤساء" ؟!!
بصراحة لو فكر أحدنا في كتابة رواية تحكي عن تجربة بعض المسؤولين في السلطة لن يجد لها نهاية إلا.. "وهي تثور" !!
(العرب اليوم)