هي كلمة نرددها في حياتنا الشخصية لإضفاء الفكاهة والظرافة في علاقتنا مع الآخر ونقصد فيها بلهجتنا الشعبية " بديش أشوف وجهك " او " إحلق " ، وأنك تريد من الشخص المطلوب سرعة ترك المكان تماما كما كنت تركض في الحارة محدثا غبارا كثيفا من خلفك ، كثيرا ما تراودني هذه الكلمة عندما أتذكر واقع العمل العام في الأردن ، وللتوضيح أكثر عندما نتحدث مثلا عن القطاع الصحي قديما ومقارنته بالواقح الحالي ، فإنك ستلمس العجب العجاب في الاختلاف ، فالطبيب قديما كان يسمى حكيما ، يحمل أدواته الطبية التي يفحص بها في حقيبة يدوية يمر فيها على بيوت الحارة راجلا على المريضين منهم ففي ذلك الوقت كنت تشاهد العرق ينزف على جبين الطبيب وحذاؤه -أكرمكم الله- أبيض من كمية الغبار المتراكم عليه نتيجة المشي راجلا ، ولو أستذكر الكبار منا كذلك القطاع التعليمي في الأردن قديما لوجدت أن مدارسنا كانت من الطين ، والغبار والعرق أيضا عنوانا لتعب المعلم في تدريسه للطلبه ، صوته مبحوح من العطاء وجبينه يسيل عرقا من الوفاء لمهنته ، والأهم ان المسؤول قديما كان يقضي وقته في بدلة " سفاري " عرقه على جبينه وغبار الطرق يسفح جبهته كونه كان يقضي جل وقته في خارج مكتبه يتفقد المكان المرفق العام أو الطريق العام راجلا على قدميه ...!!!
لو تمعنت في واقع القطاع العام لوجدت حاليا بانه على الرغم من توفر أسرع وسائل أدوات الإتصال ووسائل الإنتقال وبعض مرافق العمل العام الفاخرة البناء لوجدت ان الغبار يغطي مجملها للأسف الشديد ليس نتيجة الحركة أو ان شبابيكها مشرعة للهواء بل نتيجة الرتابة والروتين والتعطيل للمعاملات والمؤلم هنا ان هنالك مثلا بعض المستشفيات والمدارس والدوائر حكومية مبانيها من افخم المباني والأثات والمركبات والمعدات إلا انه للاسف الشديد بعض هذه المرافق الانيقة والضخمة تجد خدمتها المقدمة للمواطن على عكس جودة وفخامة مبانيها وكثرة عدد موظفيها ومن يريد الإستزادة أكثر عن هذا الواقع المغبر لواقع قطاعنا العام فقط إسمع شكاوي المواطن في إذاعاتنا الأردنية المحلية الخاصة بتلقي شكاوي المواطنين في كل صباح .....
المشكلة انه عندنا في الأردن أكثر من 30 جامعة وآلاف المدارس والكليات والمعاهد ، وفي وطننا -ولله الحمد - الآلاف من بيوت العبادة والمصليات والمساجد وآلاف الكفاءات الطبية والتعليمية والهندسية إلا انه للأسف ما زال البعض ممن يخدم في القطاع العام ينقصة "أخلاقيات العمل العام" وهذا لا يتحمل وزره كل من سبق ذكره فقط بل البيوت التي ربت وعلمت أيضا فقد تراكم الغبار على البعض إلى حد ان " الهريبة " من الدوام وقضاء الوقت في اجواء التكييف ومتابعة "الواتس أب" و"الفيس بوك" أصبح كله هو إستحقاق "للبريستيج الوظيفي" للموظف العام ...فإلى كل مسؤول وإلى كل موظف عام وإلى كل رب أسرة لا تنسى أن معيار العطاء والإنتماء لوطنك هي مدى حجم " غبرتك " المتراكمة على حذائك و عرق جبينك الذي ينزف على جبينك من أجل خدمة بلدك وإبن بلدك ، فيا ليت نرى " غبرتك " تكون كبيرة في ذلك ..فالوطن يستحق منا الدماء فما بالكم بالغبار ....ويا ليت نصل لزمان نقول فيه للمقصر في عمله أيا كان "غبرتك .... وما بدنا نشوفك هان " ...